صفحة جزء
المسألة الثانية : قوله تعالى : { يغضضن من أبصارهن }

وذلك حرام ; لأن النظر إلى ما لا يحل شرعا يسمى زنا . فقال أبو هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن الله إذا كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة ، فالعينان تزنيان ، وزناهما النظر ، واليدان تزنيان وزناهما البطش ; والرجلان تزنيان ، وزناهما المشي ; والنفس تمنى وتشتهي ; والفرج يصدق ذلك أو يكذبه } .

وكما لا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة فكذلك لا يحل للمرأة أن تنظر إلى الرجل ، فإن علاقته بها كعلاقتها به ، وقصده منها كقصدها منه . وقد روت { أم سلمة قالت : كنت أنا وعائشة وفي رواية وميمونة عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن عليه ابن أم مكتوم ، فقال لنا : احتجبن منه ؟ فقلنا : أوليس أعمى ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أفعمياوان أنتما } .

فإن قيل : يعارضه ما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم قالت له فاطمة بنت قيس في شأن العدة في بيت أم شريك ، فقال لها : تلك امرأة يغشاها أصحابي ، اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده } . قلنا : قد أوعبنا القول في هذا الحديث في الشرح من جميع وجوهه ، وسترونه في [ ص: 381 ] موضعه إن شاء الله تعالى .

والذي يتعلق به هاهنا أن انتقالها من بيت أم شريك إلى بيت ابن أم مكتوم كان أولى بها من بقائها في بيت أم شريك ، إذ كانت في بيت أم شريك يكثر الداخل فيه والرائي لها ، وفي بيت ابن أم مكتوم كان لا يراها أحد ، وكان إمساك بصرها عنه أقرب من ذلك وأولى ; فرخص لها في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية