صفحة جزء
المسألة السادسة : يريد بقوله : { صلاة العشاء } التي يدعوها الناس العتمة : وفي الصحيح من رواية عبد الله بن المغفل المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب } . قال : والأعراب تقول العشاء ، وتسمى أيضا العشاء العتمة ، ففي الحديث الصحيح : { لو يعلمون ما في العتمة والفجر لأتوهما ولو حبوا } . [ ص: 416 ]

وفي البخاري أيضا عن أبي برزة : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء } . وقال أنس : { أخر النبي صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة } .

وفي حديث عائشة : { أعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعتمة } .

وقول أنس في البخاري : " العشاء الآخرة يدل على العشاء الأولى " .

وفي الحديث : { لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء يدعونها العتمة } ; لأنهم يعتمون بحلاب الإبل .

وهذه أخبار متعارضة لا يعلم منها الأول من الآخر بالتاريخ ، لكن كل حديث بذاته يبين وقته ، وذلك أن النهي من النبي صلى الله عليه وسلم عن تسمية صلاة المغرب عشاء ، وعن تسمية صلاة العشاء عتمة ثابت ; فلا مرد له من أقوال الصحابة فضلا عمن عداهم .

وقد كان ابن عمر يقول : من قال صلاة العتمة فقد أثم . وقال ابن القاسم : قال مالك : { ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم } فالله سماها صلاة العشاء ، فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن تسمى بما سماها به الله ، ويعلمها الإنسان أهله وولده ، ولا يقل عتمة إلا عند خطاب من لا يفهم ، وقد قال حسان :

وكان لا يزال بها أنيس خلال مروجها نعم وشاء     فدع هذا ولكن من لطيف
يؤرقني إذا ذهب العشاء



التالي السابق


الخدمات العلمية