الآية السابعة قوله تعالى : 
  { وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما   }   . 
فيها ثلاث مسائل : المسألة الأولى : قوله : { 
هونا   } الهون : هو الرفق والسكون ، وذلك يكون بالعلم والحلم والتواضع ، لا بالمرح والكبر ، والرياء والمكر ، وفي معناه قلت :  
[ ص: 451 ] تواضعت في العلياء والأصل كابر وحزت نصاب السبق بالهون في الأمر     سكون فلا خبث السريرة أصله 
وجل سكون الناس من عظم المكر 
وقد قال صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=9109أيها الناس ، عليكم بالسكينة ، فإن البر ليس في الإيضاع   } . 
وكان 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  يسرع جبلة لا تكلفا . والقصد والتؤدة وحسن الصمت من أخلاق النبوة . وقد بيناه في قبس الموطأ . 
وقد قيل : معناه يمشون رفقا من ضعف البدن ، قد براهم الخوف ، وأنحلتهم الخشية ، حتى صاروا كأنهم الفراخ . المسألة الثانية : قوله تعالى { 
وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما   } 
اختلف في الجاهلين على قولين : أحدهما : أنهم الكفار . 
الثاني : أنهم السفهاء . المسألة الثالثة : قوله تعالى : { 
سلاما   } 
فيه وجهان : أحدهما : أنه بمعنى حسن وسداد . 
الثاني : أنه قول سلام عليكم . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه    : لم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلموا على المشركين ، ولكنه على معنى قولهم : [ تسلمنا منكم ] ولا خير بيننا ولا شر . 
قال الفقيه 
 nindex.php?page=showalam&ids=11939القاضي أبو بكر  رحمه الله : ولا نهوا عن ذلك ، بل أمروا بالصفح والهجر الجميل ، وقد كان من سلف من الأمم في دينهم التسليم على جميع الأمم . 
وفي الإسرائليات : إن 
عيسى  مر به خنزير فقال له : اذهب بسلام حين لم يقل وهو لا يعقل السلام .  
[ ص: 452 ] فأما الكفار فكانوا يفعلونه وتلين جوانبهم به ؟ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف على أنديتهم ويحييهم ويدانيهم ولا يداهنهم . فيحتمل قوله : { 
قالوا سلاما   } المصدر ، ويحتمل أن يكون المراد به التحية . وقد بينا ذلك كله في سورة هود . 
وقد اتفق الناس على أن السفيه من المؤمنين إذا جفاك يجوز أن تقول له سلام عليك . 
وهل وضع السلام في أحد القولين إلا على معنى السلامة والتواد ؟ كأنه يقول له : سلمت مني ، فأسلم منك .