صفحة جزء
المسألة الثالثة في هذا دليل على أن حال النبي يجوز أن يسمى ملكا ، وقد روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر العباس أن يحبس أبا سفيان عند خطم الجبل ، حتى يمر به المسلمون ; فحبسه العباس فجعلت القبائل تمر مع النبي صلى الله عليه وسلم كتيبة كتيبة على أبي سفيان ، فمرت كتيبة ، فقال : يا عباس ; من هذه ؟ قال له : غفار . قال : ما لي ولغفار ، ثم مرت جهينة فقال مثل ذلك ، ثم مرت سعد بن هذيم ، فقال مثل ذلك ، ثم مرت سليم فقال مثل ذلك ، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها ، فقال : من هذه ؟ قال : هؤلاء الأنصار ، عليهم سعد بن عبادة ، وذكر الحديث ، فقال أبو سفيان للعباس : لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما . فقال : إنه ليس بملك ، ولكنها النبوة } .

ولم يرد العباس نفي الملك ، وإنما أراد أن يرد على أبي سفيان في نسبة حال النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 35 ] إلى مجرد الملك ، وترك الأصل الأكبر وهو النبوة التي تتركب على الملك والعبودية .

على أنه روي في الحديث أن { جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : إن الله خيرك بين أن تكون نبيا ملكا أو نبيا عبدا ، فنظر إلى جبريل كالمستشير له ، فأشار إليه جبريل : أن تواضع ، فقال : بل نبيا عبدا أجوع يوما وأشبع يوما } .

المسألة الرابعة قوله تعالى : { وآتيناه الحكمة } . قد بيناها في غير موضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية