صفحة جزء
المسألة الرابعة قوله : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } : قد بينا الكرم ، وأوضحنا حقيقته في غير موضع من صحيح الحديث .

وفي صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم : { الحسب المال ، والكرم التقوى } .

ذلك يرجع إلى قوله تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم } . [ ص: 134 ] وقال عليه السلام { إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي } .

ولذلك كان أكرم البشر على الله تعالى . وهذا المعنى هو الذي لحظ مالك في الكفاءة في النكاح .

روي عن عبد الله عن مالك يزوج المولى العربية . واحتج بهذه الآية . وقال أبو حنيفة والشافعي : يراعى الحسب والمال .

وفي الصحيح عن عائشة أن أبا حذيفة بن عقبة بن ربيعة وكان ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم تبنى سالما ، وأنكحه هند بنت أخيه الوليد بن عقبة بن ربيعة ، وهو مولى لامرأة من الأنصار ، وضباعة بنت الزبير كانت تحت المقداد بن الأسود الكندي فدل على جواز نكاح المولى العربية . وإنما تراعى الكفاءة في الدين .

والدليل عليه أيضا ما روى سهل بن سعد في الصحيح { أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه رجل فقال : ما تقولون في هذا ؟ قالوا : حري إن خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفع ، وإن قال أن يسمع . قال : ثم سكت . فمر رجل من فقراء المسلمين فقال : ما تقولون في هذا ؟ قالوا : هذا حري إن خطب ألا ينكح ، وإن شفع ألا يشفع ، وإن قال ألا يسمع . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض مثل هذا } .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { تنكح المرأة لمالها وجمالها ودينها وفي رواية : وحسبها ، فعليك بذات الدين تربت يداك } .

وقد خطب سلمان إلى أبي بكر ابنته فأجابه وخطب إلى عمر ابنته فالتوى عليه ، ثم سأله أن ينكحها ، فلم يفعل سلمان ، { وخطب بلال بنت البكير فأبى إخوتها ، فقال بلال يا رسول الله : ماذا لقيت من بني البكير ، خطبت إليهم أختهم فمنعوني وآذوني . فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل بلال ; فبلغهم الخبر ، فأتوا أختهم ، فقالوا : ماذا لقينا من سببك ، غضب علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل بلال . فقالت أختهم أمري بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ; فزوجها بلالا } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في أبي هند حين حجمه : { أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه وهو مولى بني بياضة } .

التالي السابق


الخدمات العلمية