صفحة جزء
الآية الثانية قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير } .

لا خلاف بين النقلة أن المراد بهم اليهود ، كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون : السام عليك ; يريدون بذلك السلام ظاهرا ، وهم يعنون الموت باطنا ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : عليكم [ في رواية ] ، وفي رواية أخرى : وعليكم بالواو ، وهي مشكلة .

وكانوا يقولون : لو كان محمد نبيا ما أمهلنا الله بسبه والاستخفاف به ; وجهلوا أن البارئ تعالى حليم لا يعاجل من سبه ، فكيف من سب نبيه .

وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا أحد أصبر على الأذى من الله تعالى ، يدعون له الصاحبة والولد ، وهو يعافيهم ويرزقهم } .

فأنزل الله هذا كشفا لسرائرهم ، وفضحا لبواطنهم ، ومعجزة لرسوله .

وقد بينا شرح هذا في مختصر النيرين .

وقد ثبت عن قتادة عن أنس { أن يهوديا أتى على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه ، فقال : السام عليكم ، فرد عليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتدرون ما قال هذا ؟ [ ص: 167 ] قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : قال كذا ; ردوه علي ، فردوه . قال : قلت : السام عليكم ؟ فقال : نعم . فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : عليك ما قلت } . فأنزل الله تعالى : { وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله } .

التالي السابق


الخدمات العلمية