صفحة جزء
المسألة الثانية وقع القول هاهنا مطلقا بذلك ، وقيده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه .

وقد بينا تحقيق ذلك من قبل .

المسألة الثالثة إذا أمر النبي بأمر كان شرعا ، وإذا نهى عن شيء لم يكن شرعا [ ص: 182 ] ولذلك قال : { من عمل عملا لم يكن عليه أمرنا فهو رد } . وقال في حديث العسيف الذي افتدى من الجلد بمائة شاة ووليدة : { أما غنمك فرد عليك وجلد ابنك مائة وتغريبه عاما } .

وترددت هاهنا مسألة عظمى بين العلماء ; وهي ما إذا اجتمع في عقد أمر ونهي وازدحم عليه صحيح وفاسد ; فقال جماعة من العلماء : لا يجوز ، ويفسخ بكل حال . وقال علماؤنا : ذلك يختلف ; أما في البيع فلا يجوز إجماعا ، وأما في النكاح فلا ، واختلفوا فيه على ما بيناه في مسائل الفقه . وأما في الأحباس والهبات فيحتمل كثيرا من الجهالة والأخطار المنهي عنها فيها ، حتى قال أصبغ : إن ما لا يجوز إذا دخل في الصلح مع ما يجوز مضى الكل .

وقال ابن الماجشون : يمضي إن طال . وقال سائر علمائنا : لا يجوز شيء منه ، وهو كالبيع .

وأما إن وقع النهي في البيع فقال كثير من العلماء : يفسخ أبدا . وقال مالك : يفسخ ما لم يفت ، في تفصيل طويل بيانه في أصول الفقه تأصيلا ، وفي فروع مسائل الفقه تفصيلا بنيناه على تعارض الأدلة في الحظر والإباحة ، والمعنى والرد .

والصحيح عندنا فسخ الفاسد أبدا حيثما وقع ، وكيفما وجد ، فات أو لم يفت ، لقوله عليه السلام : { من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } .

التالي السابق


الخدمات العلمية