[ ص: 252 ] سورة التحريم [ فيها ثلاث آيات ] 
الآية الأولى قوله تعالى : { 
يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم   } . 
فيها خمس مسائل : المسألة الأولى في 
سبب نزولها   : اختلف المفسرون فيها على ثلاثة أقوال : الأول : أن سبب نزولها { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=15278الموهوبة التي جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني وهبت لك نفسي . فلم يقبلها   } رواه 
عكرمة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس    . 
الثاني : أنها نزلت في شأن 
مارية أم إبراهيم  ، خلا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت 
حفصة  ، وقد خرجت لزيارة أبيها ، فلما عادت وعلمت عتبت عليه ، فحرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه إرضاء 
لحفصة  ، وأمرها ألا تخبر أحدا من نسائه ، فأخبرت بذلك 
 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة  لمصافاة كانت بينهما ; فطلق النبي صلى الله عليه وسلم 
حفصة  ، واعتزل نساءه شهرا ، وكان جعل على نفسه أن يحرمهن شهرا ; فأنزل الله هذه الآية ، وراجع 
حفصة  ، واستحل 
مارية  ، وعاد إلى نسائه ; قاله 
الحسن  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة  ، 
والشعبي  ، وجماعة . 
واختلفوا هل حرم النبي صلى الله عليه وسلم 
مارية  بيمين على قولين : فقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة  والحسن  ، 
والشعبي    : حرمها بيمين . وقال غيرهم : إنه حرمها بغير يمين ، ويروى عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس    . 
الثالث : ثبت في الصحيح واللفظ 
للجعفي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة  قالت { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=27848  : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عسلا عند  nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش  ، ويمكث عندها  [ ص: 253 ] فتواصيت أنا وحفصة  على أيتنا دخل عليها فلتقل له : أكلت مغافير ، إني أجد منك ريح مغافير . قال : لا . ولكني شربت عسلا عند  nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش  ، ولن أعود له . وقد حلفت لا تخبري أحدا يبتغي مرضاة أزواجه   } . 
وفي صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم  أنه شربه عند 
حفصة  ، وذكر نحوا من القصة ، وكذلك روى 
أشهب  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك    . والأكثر في الصحيح أنه عند 
زينب  ، وأن اللتين تظاهرتا عليه 
 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة  وحفصة    . 
وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  أنه شربه عند 
سودة    . وروى 
أسباط  عن 
السدي  أنه شربه عند 
 nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة  ، وكله جهل وتسور بغير علم . المسألة الثانية أما من روى أن الآية نزلت في الموهوبة فهو ضعيف في السند ، وضعيف في المعنى ; أما ضعفه في السند فلعدم عدالة رواته ، وأما ضعفه في معناه فلأن رد النبي صلى الله عليه وسلم للموهوبة ليس تحريما لها ; لأن من رد ما وهب له لم يحرم عليه ، وإنما حقيقته التحريم بعد التحليل . 
وأما من روى أنه حرم 
مارية  فهو أمثل في السند ، وأقرب إلى المعنى ; لكنه لم يدون في صحيح ، ولا عدل ناقله ، كما أنه روي مرسلا . 
وقد روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم    ; قال { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=18066  : حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أم ولده إبراهيم  ، فقال : أنت علي حرام ; والله لا أتيتك . فأنزل الله في ذلك : { يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك   }   } . 
وروى مثله 
ابن القاسم  عنه . 
وروى 
أشهب  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  ، قال : راجعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  امرأة من 
الأنصار  في شيء ، فاقشعر من ذلك . وقال : ما كان النساء هكذا . قالت : بلى ، وقد كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يراجعنه . فاحتزم ثوبه ، فخرج إلى 
حفصة  ، فقال لها : أتراجعين  
[ ص: 254 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : نعم ، ولو أعلم أنك تكره ما فعلت . فلما بلغ 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هجر نساءه قال : رغم أنف 
حفصة    . 
وإنما الصحيح أنه كان في العسل ، وأنه شربه عند 
زينب  ، وتظاهرت عليه 
 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة  وحفصة  فيه ، وجرى ما جرى ، فحلف ألا يشربه ، وأسر ذلك ، ونزلت الآية في الجميع .