صفحة جزء
[ ص: 279 ] سورة المزمل [ فيها تسع آيات ]

الآية الأولى قوله تعالى : { يأيها المزمل قم الليل إلا قليلا }

فيها مع التي تليها ست مسائل : المسألة الأولى قوله تعالى : { يأيها المزمل } هو الملتف ، بإضافة الفعل إلى الفاعل ، وكل شيء لفف في شيء فقد زمل به ; ومنه قيل للفافة الراوية والقربة زمال .

وفي الحديث في قتلى أحد : { زملوهم بثيابهم ودمائهم } أي لففوهم ، يقال تزمل يتزمل ; فإذا أدغمت التاء قلت : ازمل بتشديدين .

واختلف في تأويله ; فمنهم من حمله على حقيقته ، قيل له : يا من تلفف في ثيابه أو في قطيفته قم ; قاله إبراهيم وقتادة . ومنهم من حمله على المجاز كأنه قيل له : يا من تزمل بالنبوة .

روى عكرمة أنه قال : معناه يا من تزمل ، أي زملت هذا الأمر فقم به .

[ فأما العدول عن الحقيقة إلى المجاز فلا يحتاج إليه لا سيما وفيه خلاف الظاهر ; وإذا تعاضدت الحقيقة والظاهر لم يجز العدول عنه . وأما قول عكرمة : إنك زملت هذا الأمر فقم به ] ; وإنما يسوغ هذا التفسير لو كانت الميم مفتوحة مشددة بصيغة المفعول الذي لم يسم فاعله ، وأما وهو بلفظ الفاعل فهو باطل .

وأما قول من قال : إنه زمل بالقرآن فهو صحيح في المجاز ، لكنه كما قدمنا لا يحتاج إليه ، ويشهد لمعناه حديث يؤثر لم يصح ، وهو قوله : { إن الله قد زادكم صلاة إلى صلاتكم هذه وهي الوتر ، فأوتروا يا أهل القرآن . }

التالي السابق


الخدمات العلمية