صفحة جزء
الآية السادسة قوله تعالى : { إن لك في النهار سبحا طويلا } فيه أربع مسائل :

المسألة الأولى قال أهل اللغة : معناه اضطرابا ومعاشا وتصرفا ، سبح يسبح : إذا تصرف واضطرب ، ومنه سباحة الماء ، ومنه قوله : { كل في فلك يسبحون } يعنى يجرون . وقال : { والسابحات سبحا } ; قيل : الملائكة تسبح بين السماء والأرض ، أي تجري وقيل : هي السفن : أرواح المؤمنين تخرج بسهولة .

وقال أبو العالية : معناه فراغا طويلا ; وساعده عليه غيره . فأما حقيقة ( س ب ح ) فالتصرف والاضطراب ; فأما الفراغ فإنما يعني به تفرغه لأشغاله وحوائجه عن وظائف تترتب عليه ; فأحد التفسيرين لفظي والآخر معنوي المسألة الثانية قرئ سبخا بالخاء المعجمة ، ومعناه راحة وقيل نوما .

والتسبيخ : النوم الشديد ، يقال سبخ ، أي نام بالخاء المعجمة ، وسبح بالحاء المهملة : أي تصرف كما تقدم . [ ص: 286 ] وفي الحديث أنه { سمع عائشة تدعو على سارق ، فقال : لا تسبخي عنه بدعائك } ، أي لا تخففي عنه ، فإن السارق أخذ مالها ، وهي أخذت من عرضه ، فإذا وقعت المقاصة كان تخفيفا مما لها عليه من حق السرقة .

ويعضده قوله تعالى في الأثر { : من دعا على من ظلمه فقد انتصر }

وهذه إشارة إلى أن الليل عوض النهار ، وكذلك النهار عوض الليل كما تقدم في قوله تعالى : { وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا }

التالي السابق


الخدمات العلمية