صفحة جزء
. المسألة الثالثة قوله : { ولو ألقى معاذيره } : معناه لو اعتذر بعد الإقرار لم يقبل منه . وقد اختلف العلماء فيمن رجع بعد ما أقر في الحدود التي هي خالص حق الله ; فقال أكثرهم منهم الشافعي وأبو حنيفة : يقبل رجوعه بعد الإقرار . وقال به مالك في أحد قوليه . وقال في القول الآخر : لا يقبل إلا أن يذكر لرجوعه وجها صحيحا والصحيح جواز الرجوع مطلقا ; لما روى الأئمة ، منهم البخاري ، ومسلم { أن النبي صلى الله عليه وسلم رد المقر بالزنا مرارا أربعا ، كل مرة يعرض عنه . ولما شهد على نفسه أربع مرات دعاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أبك جنون ؟ قال : لا . قال : أحصنت ؟ قال : نعم } .

وفي حديث البخاري : { لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت } . وفي النسائي ، وأبي داود : { حتى قال له في الخامسة : أنكتها ؟ قال : نعم . قال : حتى غاب ذلك منك في ذلك منها ؟ قال : نعم . قال : كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر ؟ قال : نعم . ثم قال : هل تدري [ ص: 301 ] ما الزنا ؟ قال ، أتيت منها حراما مثل ما يأتي الرجل من أهله حلالا . قال : فما تريد مني بهذا القول ؟ قال : أريد أن تطهرني ؟ قال : فأمر به فرجم . }

قال الترمذي ، وأبو داود : { فلما وجد مس الحجارة فر يشتد فضربه رجل بلحي جمل ، وضربه الناس حتى مات ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هلا تركتموه } قال أبو داود والنسائي : تثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما لترك حد فلا ، وهذا كله طريق للرجوع ، وتصريح بقبوله . وفي قوله : لعلك غمزت ، إشارة إلى قول مالك : إنه يقبل رجوعه إذا ذكر فيها وجها .

التالي السابق


الخدمات العلمية