صفحة جزء
الثاني : وأنت حل بهذا البلد يحل لك فيه القتل . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن مكة حرمها الله يوم خلق السموات والأرض ، لم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي ، وإنما حلت لي ساعة من نهار ، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس } .

الثالث : ويرجع إلى الثاني أنه يحل لك دخوله بغير إحرام ; { دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وعلى رأسه المغفر ، ولم يكن محرما } . [ ص: 345 ]

الرابع قال مجاهد : وأنت حل بهذا البلد ليس عليك ما على الناس فيه من الإثم : يريد أن الله عصمك . وقد بيناه .

المسألة الثانية أما قوله : { وأنت حل بهذا البلد } أي ساكن فيه ; فيحتمل اللفظ ، وتقتضيه الكرامة ، ويشهد له عظم المنزلة .

وأما القول الثاني فقد تقدم القول في جواز القتل بمكة وإقامة الحدود فيها في غير ما موضع من كتابنا هذا ; خلافا لأبي حنيفة ، وفي غير هذا الكتاب .

وأما دخوله مكة بغير إحرام فقد كان ذلك .

وأما دخول الناس مكة فعلى قسمين : إما لتردد المعاش ، وإما لحاجة عرضت ; فإن كان لتردد المعاش فيدخلها حلالا ; لأنه لو كلف الإحرام في كل وقت لم يطقه ، وقد رفع تكليف هذا عنا . وأما إن كان لحاجة عرضت فلا يخلو ; إما أن تكون حجة أو عمرة أو غيرهما ; فإن كان حجة أو عمرة فلا خلاف في وجوب الإحرام ، وإن كان غيرهما فاختلفت الرواية فيه ; ففي المشهور عن مالك أنه لا بد من الإحرام ، وروي عنه تركه .

واختلف العلماء مثل هذا الاختلاف . والصحيح وجوب الإحرام ، لقوله عليه السلام : { لم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار } . وهذا عام .

التالي السابق


الخدمات العلمية