صفحة جزء
[ ص: 377 ] سورة البينة [ فيها آيتان ] الآية الأولى قوله تعالى : { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة } .

الآية فيها أربع مسائل :

المسألة الأولى في قراءتها : قرأها أبي : { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب } ; وفي قراءة ابن مسعود : لم يكن المشركون وأهل الكتاب منفكين . وهذه قراءة على التفسير ; وهي جائزة في معرض البيان ، لا في معرض التلاوة ; فقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في رواية الصحيح : { فطلقوهن لقبل عدتهن } ، وهو تفسير ; فإن التلاوة ما كان في خط المصحف .

المسألة الثانية روى ابن إسحاق بن بشر الكاهلي عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : { لو يعلم الناس ما في { لم يكن الذين كفروا } لعطلوا الأهل والمال ، ولتعلموها } .

وهذا حديث باطل ; وإنما الحديث الصحيح ما روي عن أنس بن مالك { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب : إن الله قد أمرني أن أقرأ عليك { لم يكن الذين كفروا } وقال : وسماني لك ؟ قال : نعم ، فبكى } .

المسألة الثالثة قوله : { منفكين } يعني زائلين عن دينهم ، حتى تأتيهم البينة ببطلان ما هم عليه ، وتلك البينة هي : { رسول من الله يتلو صحفا مطهرة } ، وهي :

المسألة الرابعة قالوا : { مطهرة } من الشرك ، وقالوا : مطهرة بحسن الذكر ، وقلب مطهر من كل عيب .

وقد قال مالك في الآية التي في { عبس وتولى } : { مكرمة مرفوعة مطهرة } إنها [ ص: 378 ] القرآن وإنه لا يمسه إلا المطهرون ، كما قال في سورة الواقعة ; وهذه الآية توافق [ ذلك وتؤكده فلا يمسها إلا طاهر شرعا ودينا ، فإن وجد غير ذلك فباطل لا ينفى ] ذلك في كرامتها ، ولا يبطل حرمتها ، كما لو قتل النبي صلى الله عليه وسلم لم تبطل نبوته ، ولا أسقط ذلك حرمته ، ولا اقتضى ذلك تكذيبه ; بل يكون زيادة في مرتبته في الدارين .

التالي السابق


الخدمات العلمية