صفحة جزء
الآية الرابعة والستون : قوله تعالى : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم } فيها ثلاث مسائل :

المسألة الأولى : اللغو في كلام العرب مخصوص بكل كلام لا يفيد ، وقد ينطلق على ما لا يضر .

المسألة الثانية : في المراد بذلك : وفيه سبعة أقوال :

الأول : ما يجري على اللسان من غير قصد ، كقوله : لا والله ، وبلى والله ; قالته عائشة ، والشافعي .

الثاني : ما يحلف فيه على الظن ، فيكون بخلافه قاله مالك .

الثالث : يمين الغضب .

الرابع : يمين المعصية .

الخامس : دعاء الإنسان على نفسه ، كقوله : إن لم أفعل كذا فيلحق بي كذا ونحوه .

والسادس : اليمين المكفر .

السابع : يمين الناسي .

المسألة الثانية في تنقيح هذه الأقوال : اعلموا أن جميع هذه السبعة الأقوال لا تخلو من قسمي اللغو اللذين بيناهما ، وحمل الآية على جميعها ممتنع ، لأن الدليل قد قام على المؤاخذة ببعضها ، وفي ذلك آيات وأخبار وآثار لو تتبعناها لخرجنا عن مقصود الاختصار بما لا فائدة فيه من الإكثار [ ص: 242 ] والذي يقطع به اللبيب أنه لا يصح أن يكون تقدير الآية : لا يؤاخذكم الله بما لا مضرة فيه عليكم ، إذ قد قصد هو الإضرار بنفسه ، وقد بين المؤاخذة بالقصد ، وهو كسب القلب ، فدل على أن اللغو ما لا فائدة فيه ، وخرج من اللفظ يمين الغضب ويمين المعصية ، وانتظمت الآية قسمين : قسم كسبه القلب ، فهو المؤاخذ به ، وقسم لا يكسبه القلب ، فهو الذي لا يؤاخذ به ، وخرج من قسم الكسب يمين الحالف ناسيا ، فأما الحانث ناسيا فهو باب آخر يأتي في موضعه إن شاء الله ، كما خرج من قسم الكسب أيضا اليمين على شيء يظنه ، فخرج بخلافه ، لأنه مما لم يقصده ، وفي ذلك نظر طويل بيانه في المسائل .

التالي السابق


الخدمات العلمية