صفحة جزء
المسألة الرابعة : انقسم الخلق بحكم الخالق وحكمته وإرادته ومشيئته وقضائه وقدره حين سمعوا هذه الآية أقساما وتفرقوا فرقا ثلاثة : [ ص: 308 ] الفرقة الأولى : الرذلى ، قالوا : إن رب محمد فقير محتاج إلينا ، ونحن أغنياء ; وهذه جهالة لا تخفى على ذي لب ، وقد رد الله تعالى عليهم بقوله : { لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا } والعجب من معاندتهم مع خذلانهم ; وفي التوراة نظير هذه الألفاظ .

الفرقة الثانية : لما سمعت هذا القول آثرت الشح والبخل ، وقدمت الرغبة في المال ; فما أنفقت في سبيل الله ، ولا فكت أسيرا ، ولا أغاثت أحدا ، تكاسلا عن الطاعة وركونا إلى هذه الدار .

الفرقة الثالثة : لما سمعت بادرت إلى امتثاله ، وآثر المجيب منهم بسرعة بماله ، أولهم أبو الدحداح لما سمع هذا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا نبي الله ; ألا أرى ربنا يستقرض مما أعطانا لأنفسنا ، ولي أرضان : أرض بالعالية وأرض بالسافلة ، وقد جعلت خيرهما صدقة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { كم عذق مذلل لأبي الدحداح في الجنة } .

فانظروا إلى حسن فهمه في قوله : يستقرض مما أعطانا لأنفسنا ، وجوده بخير ماله وأفضله ; فطوبى له ، طوبى له ، ثم طوبى له ، ثم طوبى له ،

التالي السابق


الخدمات العلمية