صفحة جزء
الآية السادسة قوله تعالى : { فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين } اختلف العلماء في ذلك على قولين : أحدهما : أن الحصور هو العنين وهم الأكثر ، ومنهم ابن عباس . [ ص: 357 ] ومنهم من قال : هو الذي يكف عن النساء ولا يأتيهن مع القدرة ، منهم سعيد بن المسيب ; وهو الأصح لوجهين : أحدهما : أنه مدح وثناء عليه ، والمدح والثناء إنما يكون على الفضل المكتسب دون الجبلة في الغالب .

الثاني : أن حصورا فعولا ; وبناء فعول في اللغة من صيغ الفاعلين . قال علماؤنا : الحصور : البخيل ، والهيوب الذي يحجم عن الشيء ; والكاتم السر ; وهذا بناء فاعل . والحصور عندهم : الناقة التي لا يخرج لبنها من ضيق إحليلها . وهذا فيه نظر .

وقد جاء فعول بمعنى مفعل ، تقول : رسول بمعنى مرسل ، ولكن الغالب ما تقدم وإذا ثبت هذا فيحيى كان كافا عن النساء عن قدرة في شرعه ، فأما شرعنا فالنكاح .

روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عثمان بن مظعون عن التبتل قال الراوي : ولو أذن له لاختصينا } ، ولهذا بالغ قوم فقالوا : النكاح واجب ، وقصر آخرون فقالوا مباح ، وتوسط علماؤنا فقالوا : مندوب . والصحيح أنه يختلف باختلاف حال الناكح والزمان ، وقد بينا ذلك في سورة النساء ، وسترونه إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية