صفحة جزء
المسألة الرابعة : قال علماؤنا : إذا توجه الخطاب على المكلفين بفرض ، هل يكفي فيه فعله مرة واحدة ، أو يحمل على التكرار ؟ وقد بيناه في أصول الفقه دليلا ومذهبا .

والمختار أنه يقتضي فعله مرة واحدة ، وقد ثبت { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أصحابه : يا رسول الله ; أحجنا هذا لعامنا أم للأبد ؟ فقال : لا ، بل لأبد الأبد } . رواه جماعة منهم علي ; قال : لما نزلت : ولله على الناس حج البيت قالوا : { يا رسول الله ; أوفي كل عام ؟ قال : لا ولو قلت : نعم ، لوجبت } .

وروى محمد بن زياد ، عن أبي هريرة : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { إن الله سبحانه كتب عليكم الحج } . فقال محصن الأسدي : أفي كل عام يا رسول الله ؟ قال : { أما إني لو قلت نعم لوجبت ، ثم لو تركتم لضللتم ؟ اسكتوا عني ما سكت عنكم ، إنما [ ص: 376 ] هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم } فأنزل الله تعالى : { يأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم }

المسألة الخامسة : إذا ثبت أنه لا يتعين لامتثال الخطاب إلا فعلة واحدة من الفعل المأمور به فقد اختلف العلماء ; هل هي على الفور أم هي مسترسلة على الزمان إلى خوف الفوت ؟ ذهب جمهور البغداديين إلى حملها على الفور . ويضعف عندي . واضطربت الروايات عن مالك في مطلقات ذلك . والصحيح عندي من مذهبه أنه لا يحكم فيه بفور ولا تراخ كما تراه ; وهو الحق ، وقد بيناه في أصول الفقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية