الآية الخامسة قوله تعالى : { 
ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا   } فيها أربع مسائل : 
المسألة الأولى : في السفه : وقد تقدم بيانه في آية الدين في سورة البقرة ، والمراد به هاهنا الصغيرة والمرأة التي لم تجرب . وقد قال بعض الناس : إن السفه صفة ذم ، والصغيرة والمرأة لا تستحقان ذما . وهذا ضعيف ; فإن النبي عليه السلام قد وصف المرأة بنقصان الدين والعقل ، وكذلك الصغير موصوف بالغرارة والنقص ، وإن كانا لم يفعلا ذلك بأنفسهما ، لكنهما  
[ ص: 416 ] لا يلامان على ذلك ، فنهى الله سبحانه عن إيتاء المال إليهم ، وتمكينهم منه ، وجعله في أيديهم ; ويجوز هبة ذلك لهم ، فيكون للسفهاء ملكا ولكن لا يكون لهم عليه يد . 
المسألة الثانية : قوله تعالى : { 
أموالكم   } اختلف في هذه الإضافة على قولين : أحدهما : أنها حقيقة ، والمراد نهي الرجل أو المكلف أن يؤتي ماله سفهاء أولاده ; فيضيعونه ويرجعون عيالا عليه . والثاني : أن المراد به نهي الأولياء عن 
إيتاء السفهاء من أموالهم وإضافتها إلى الأولياء ; لأن الأموال مشتركة بين الخلق ، تنتقل من يد إلى يد ، وتخرج عن ملك إلى ملك ، وهذا كقوله تعالى : { 
ولا تقتلوا أنفسكم   } معناه : لا يقتل بعضكم بعضا ; فيقتل القاتل فيكون قد قتل نفسه ، وكذلك إذا 
أعطي المال سفيها فأفسده رجع النقصان إلى الكل . والصحيح أن المراد به الجميع ، لقوله تعالى : { 
التي جعل الله لكم قياما   } وهذا عام في كل حال . 
المسألة الثالثة : قوله تعالى : { 
وارزقوهم فيها واكسوهم   } لا يخلو أن يكون المراد بذلك ولي اليتيم ; فهو مخاطب بالتقدير المتقدم من اشتراك الخلق في الأموال ، وإن كان المخاطب به الآباء ، فهذا دليل على وجوب 
نفقة الولد على الوالد   . 
المسألة الرابعة : قوله تعالى : { 
وقولوا لهم قولا معروفا   } المعنى : لا تجمعوا بين الحرمان وجفاء القول لهم ، ولكن حسنوا لهم الكلام ; مثل أن يقول الرجل لوليه : أنا أنظر إليك ، وهذا الاحتياط يرجع نفعه إليك . ويقول الأب لابنه : مالي إليك مصيره ، وأنت إن شاء الله صاحبه إذا ملكتم رشدكم وعرفتم تصرفكم .