صفحة جزء
( تركيب ) وهي المسألة الثانية : فأما العاصي المعين ، فلا يجوز لعنه اتفاقا ، لما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم جيء إليه بشارب خمر مرارا ، فقال بعض من حضره : ما له لعنه الله ، ما أكثر ما يؤتى به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تكونوا أعوانا للشيطان على أخيكم } ; فجعل له حرمة الأخوة ، وهذا يوجب الشفقة ، وهذا حديث صحيح .

وأما لعن العاصي مطلقا ، وهي المسألة الثالثة : فيجوز إجماعا ، لما روي في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده } .

[ ص: 76 ] وقد قال بعض علمائنا في تأويل هذه الآية : إن معناه عليهم اللعنة يوم القيامة ، كما قال تعالى : { ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا } .

والذي عندي صحة لعنه في الدنيا لمن وافى كافرا بظاهر الحال ، وما ذكر الله تعالى عن الكفرة من لعنتهم وكفرهم فيما بينهم حالة أخرى ، وبيان لحكم آخر وحالة واقعة تعضد جواز اللعن في الدنيا ; وتكون هذه الآية لجواز اللعن في الدنيا ، فيكون للآيتين معنيان .

فإن قيل : فهل تحكمون بجواز لعنة الله لمن كان على ظاهر الكفر ، وقد علم الله تعالى موافاته مؤمنا ؟ قلنا : كذلك نقول ، ولكن لعنة الله له حكمه بجواز لعنه لعباده المؤمنين أخذا بظاهر حاله ، والله أعلم بمآله .

التالي السابق


الخدمات العلمية