الآية الحادية والأربعون : 
قوله تعالى : : { 
فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا   } .  
[ ص: 586 ] 
فيها مسألتان : المسألة الأولى : ظن قوم أن القتال فرض على النبي صلى الله عليه وسلم أولا وحده ، وندب المؤمنين إليه ; وليس الأمر كذلك ; ولكن المسلمين كانوا سراعا إلى القتال قبل أن يفرض القتال ، فلما أمر الله سبحانه بالقتال كاع عنه قوم ، ففيهم نزلت : { 
ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة   } قبل أن يفرض القتال ; { 
فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية   } ، فقال الله تعالى لنبيه : قد بلغت : قاتل وحدك ، { 
لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين   } فسيكون منهم ما كتب الله من فعلهم ; لأن الله سبحانه كان وعده بالنصر ، فلو لم يقاتل معه أحد من الخلق لنصره الله سبحانه دونهم ، وهل نصره مع قتالهم إلا بجنده الذي لا يهزم 
. وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=11225إن الله تعالى أمرني أن أحرق قريشا    . قلت : أي رب ; إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة . قال : استخرجهم كما استخرجوك ، واغزهم نعنك ، وأنفق فسننفق عليك ، وابعث جيشا نبعث خمسة مثله ، وقاتل بمن أطاعك من عصاك   } . وقد قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق  في الردة : أقاتلهم وحدي حتى تنفرد سالفتي . وفي رواية ثانية : والله لو خالفتني شمالي لقاتلتها بيميني . 
المسألة الثانية : قوله تعالى : { 
وحرض المؤمنين   } أي على القتال : التحريض والتحضيض هو ندب المرء إلى الفعل ، وقد يندب المرء إلى الفعل ابتداء ، وقد يندب إلى امتثال ما أمر الله سبحانه تذكرة به له .