صفحة جزء
الآية الثامنة والخمسون :

قوله تعالى : { لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما } . فيها خمس مسائل :

المسألة الأولى : اختلف الناس في تأويلها ; فقال ابن عباس : إنما نزلت في الرجل يظلم الرجل ، فيجوز للمظلوم أن يذكره بما ظلمه فيه لا يزيد عليه .

وقال مجاهد وآخرون : إنما نزلت في الضيافة ; إذا نزل رجل على رجل ضيفا فلم يقم به جاز له إذا خرج عنه أن يذكر ذلك . وقال رجل لطاوس : إني رأيت من قوم شيئا في سفر ، أفأذكره ؟ قال : لا . قال القاضي : قول ابن عباس هو الصحيح ، وقد وردت في ذلك أخبار صحيحة ; قال النبي صلى الله عليه وسلم : { مطل الغني ظلم } . وقال : { لي الواجد يحل عرضه [ ص: 645 ] وعقوبته }

. وقال العباس لعمر بحضرة أهل الشورى عن علي بن أبي طالب : اقض بيني وبين هذا الظالم ، فلم يرد عليه أحد منهم ; لأنها كانت حكومة ، كل واحد منهما يعتقدها لنفسه حتى أنفذ فيها عليهم عمر للواجب .

المسألة الثانية : قال علماؤنا : وهذا إنما يكون إذا استوت المنازل أو تقاربت ; فأما إذا تفاوتت فلا تمكن الغوغاء من أن تستطيل على الفضلاء ، وإنما تطلب حقها بمجرد الدعوى من غير تصريح بظلم ولا غضب ; وهذا صحيح ، وعليه تدل الآثار . وقد قال العلماء في قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لي الواجد يحل عرضه } ، بأن يقول مطلني ، وعقوبته بأن يحبس له حتى ينصفه .

التالي السابق


الخدمات العلمية