صفحة جزء
المسألة الثانية : في هذا دليل على أنه يقبل خبر الواحد فيما يفتقر إليه المرء ويحتاج إلى اطلاعه من حاجاته الدينية والدنيوية ، فيركب عليه الأحكام ، ويربط به الحلال والحرام . وقد جاء أيضا مثله في الإسلام ، فقد روي { أن وفد هوازن لما جاءوا تائبين إلى النبي صلى الله عليه وسلم كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ، وسألهم أن يتركوا نصيبهم لهم من السبي [ ص: 83 ] فقالوا قد طيبنا ذلك يا رسول الله قال : ارجعوا حتى يرفع إلينا } { عرفاؤكم أمركم } ، واحدها عريف ، وهي :

المسألة الثالثة : وهو فعيل بمعنى فاعل ، أي يعرف بما عند من كلف أن يعرف ما عنده . ومن حديث { وفد هوازن أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فقال : أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء قد جاءوا تائبين ، وإني رأيت أن أرد عليهم سبيهم ، فمن أحب منكم أن يطيب بذلك فليفعل ، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل . فقال الناس : قد طيبنا ذلك يا رسول الله لهم ; فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن . فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم . فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم ، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا } . لفظ البخاري : وهو النقيب أو ما فوقه ، وينطلق بالمعنيين ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نقيب الأنصار .

وينطلق في اللغة على الأمين والكفيل . واشتقاقه ; يقال : نقب الرجل على القوم ينقب إذا صار نقيبا ، وما كان الرجل نقيبا ، ولقد نقب ، وكذلك عرف عليهم إذا صار عريفا ، ولقد عرف ، وإنما قيل له نقيب ; لأنه يعرف دخيلة أمر القوم ومناقبهم ، والمناقب تطلق على الخلقة الجميلة وعلى الأخلاق الحسنة .

المسألة الرابعة : وعلى هذا انبنى قبول المرأة لزوجها في الذي يبلغه إياها من مسائل الشريعة [ ص: 84 ] وأحكام الدين ودخول الدار بإذن الآذن ، وأحكام كثيرة لا نطول بها ; ففي هذا تنبيه عليها وعلى أنواعها " ، فألحق كل شيء بجنسه منها ، ومن هاهنا اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم النقباء ليلة العقبة .

قال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : كانت الأنصار سبعين رجلا يعني مالك يوم العقبة ، وكان منهم اثنا عشر نقيبا ، فكان أسيد بن الحضير أحد النقباء نقيبا . قال مالك : النقباء تسعة من الخزرج ، وثلاثة من الأوس ، منهم أسيد بن الحضير وعمرو بن الجموح . وقال أشهب عن مالك : كان أسعد بن زرارة أحد النقباء . وقال ابن القاسم عنه : عمرو بن الجموح ، وعبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريين ثم المسلمين من النقباء . قال علماؤنا : التسعة من الخزرج هم : أبو أمامة أسعد بن زرارة ، وسعد بن الربيع بن عمرو ، وعبد الله بن رواحة بن امرئ القيس ، والبراء بن معرور بن صخر ، وعبد الله بن عمرو بن حرام ، وعبادة بن الصامت ، وسعد بن عبادة ، والمنذر بن عمرو ، وعمرو بن الجموح .

ومن الأوس أسيد بن الحضير ، وسعد بن خيثمة ، ورفاعة بن عبد المنذر ، ومن الناس من يعد فيهم أبا الهيثم بن التيهان ; فجعلهم النبي صلى الله عليه وسلم نقباء على من كان معهم وعلى من يأتي بعدهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية