صفحة جزء
المسألة الثامنة : قوله تعالى : { من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل } : تعلق بهذا من قال : إن ابني آدم كانا من بني إسرائيل ، ولم يكن قبلهم . وهذا لا يصح لأن القتل قد جرى قبل ذلك ، ولم يخل زمان آدم ولا زمن من بعده من شرع . وأهم قواعد الشرائع حماية الدماء عن الاعتداء وحياطته بالقصاص كفا وردعا للظالمين والجائرين وهذا من القواعد التي لا تخلو عنها الشرائع والأصول التي لا تختلف فيها الملل ; وإنما خص الله بني إسرائيل بالذكر للكتاب فيه عليهم ; لأنه ما كان ينزل قبل ذلك من الملل والشرائع كان قولا مطلقا غير مكتوب ، بعث الله إبراهيم فكتب له الصحف ، وشرع له دين الإسلام ، وقسم ولديه بين الحجاز والشام ، فوضع الله إسماعيل بالحجاز مقدمة لمحمد صلى الله عليه وسلم وأخلاها عن الجبابرة تمهيدا له ، وأقر إسحاق بالشام ، وجاء منه يعقوب وكثرت الإسرائيلية ، فامتلأت الأرض بالباطل في كل فج ، وبغوا ; فبعث الله سبحانه موسى وكلمه وأيده بالآيات الباهرة ، وخط له التوراة بيده ، وأمره بالقتال ، ووعده النصر ، ووفى له بما وعده ، وتفرقت بنو إسرائيل بعقائدها ، وكتب الله جل جلاله في التوراة القصاص محددا مؤكدا مشروعا في سائر أنواع الحدود ، إلى سائر الشرائع من العبادات وأحكام المعاملات ، وقد أخبر الله في كتابنا بكثير من ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية