صفحة جزء
المسألة الرابعة والعشرون : قوله تعالى : { أو كفارة }

سماه بها ليبين أن الطعام عن الصيد لا عن الهدي ، وليلحقها بأمثالها ونظائرها على ما يأتي بيانه إن شاء الله . المسألة الخامسة والعشرون : قوله تعالى : { طعام مساكين }

قال ابن عباس : إذا قتل المحرم ظبيا ونحوه فعليه شاة تذبح بمكة ، فإن لم يجد فإطعام ستة مساكين ، فإن لم يجد فعليه صيام ثلاثة أيام ، فإن قتل أيلا أو نحوه فعليه بقرة ، فإن لم يجد أطعم عشرين مسكينا ، فإن لم يجد صام عشرين يوما ، وإن قتل نعامة أو حمارا فعليه بدنة من الإبل ، فإن لم يجد فإطعام ثلاثين مسكينا ، فإن لم يجد فصيام ثلاثين يوما ، والطعام مد مد لشبعهم وروي عنه أيضا : إن لم يجد جزاء قوم الجزاء دراهم ، ثم قومت الدراهم حنطة ، ثم صام مكان كل نصف صاع يوما . وقال : إنما أريد بالطعام الصوم ، فإذا وجد طعاما وجب جزاء .

وروي نحوه عن النخعي ، ومجاهد ، والسدي ، وحماد ، وغيرهم . [ ص: 188 ] فأما قوله : فإن لم يجد هديا فإطعام ستة مساكين ، فقد قدمنا أنه على التخيير لا على الترتيب بما يقتضيه حرف " أو " في لسان العرب .

وأما تقدير الطعام في الظبي بستة مساكين ، وفي البدنة بثلاثين مسكينا فليس بتقدير نافذ ; وإنما هو تحكم باختيار قيمة الطعام بالدراهم أصلا أو بدلا كما تقدم ، ثم يعطى عن كل مد يوما لا نصف صاع .

وقد روى بكر بن عبد الله المزني : كان رجلان من الأعراب محرمين ، فحاش أحدهما صيدا فقتله الآخر ، فأتيا عمر ، وعنده عبد الرحمن بن عوف ، فقال له عمر : ما ترى ؟ قال : شاة . قال : وأنا أرى ذلك . اذهبا فأهديا شاة . فلما مضيا قال أحدهما لصاحبه : ما درى أمير المؤمنين ما يقول ، حتى سأل صاحبه . فسمعه عمر ، فردهما ، فقال : هل تقرآن سورة المائدة ؟ فقالا : لا . فقرأ عليهما : { يحكم به ذوا عدل منكم هديا } ثم قال : استعنت بصاحبي هذا .

وعن قبيصة وصاحب له أنهما أصابا وذكر الحديث ، فقال لصاحبه : إن أمير المؤمنين لم يدر ما يقول . فسمعهما عمر . فأقبل عليه ضربا بالدرة ، وقال : تقتل الصيد وأنت محرم ، وتغمص الفتيا ، إن الله سبحانه قال في كتابه : { يحكم به ذوا عدل منكم } . وهذا عبد الرحمن بن عوف وأنا عمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية