صفحة جزء
باب ما جاء في التجميع قبل الزوال وبعده

1225 - ( عن أنس رضي الله عنه قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين [ ص: 308 ] تميل الشمس . } رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي ) .

1226 - ( وعنه رضي الله عنه قال : { كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم نرجع إلى القائلة فنقيل } رواه أحمد والبخاري ) .

1227 - ( وعنه رضي الله عنه قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة ، يعني الجمعة } . رواه البخاري هكذا ) .

1228 - ( وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : { كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء } أخرجاه ) .

1229 - ( وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : { ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة } رواه الجماعة ، وزاد أحمد ومسلم والترمذي : في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ) . 1230 - ( وعن جابر رضي الله عنه : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس ، يعني النواضح } . رواه أحمد ومسلم والنسائي ) .

1231 - ( وعن عبد الله بن سيلان السلمي قال : شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار ، ثم شهدتها مع عمر فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول : انتصف النهار ، ثم شهدتها مع عثمان فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول زال النهار ، فما رأيت أحدا عاب ذلك ولا أنكره رواه الدارقطني والإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله واحتج به وقال : وكذلك روي عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية : أنهم صلوها قبل الزوال ) .


أثر عبد الله بن سيلان السلمي فيه مقال ، لأن البخاري قال : لا يتابع على حديثه . وحكى في الميزان عن بعض العلماء أنه قال : هو مجهول لا حجة فيه قوله : ( حين تميل الشمس ) فيه إشعار بمواظبته صلى الله عليه وسلم على صلاة الجمعة إذا زالت الشمس قوله : ( كنا نصلي الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرجع إلى القائلة فنقيل ) وفي لفظ للبخاري : { كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة } وفي لفظ له أيضا : { كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم تكون القائلة } [ ص: 309 ] وظاهر ذلك أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار .

قال الحافظ : لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض ، وقد تقرر أن التبكير يطلق على فعل الشيء في أول وقته أو تقديمه على غيره وهو المراد هنا . والمعنى : أنهم كانوا يبدءون بالصلاة قبل القيلولة ، بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر ، فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإبراد ا هـ .

والمراد بالقائلة المذكورة في الحديث : نوم نصف النهار قوله : ( إذا اشتد البرد بكر بالصلاة ) أي صلاها في أول وقتها قوله : ( وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة ، يعني الجمعة ) يحتمل أن يكون قوله : " يعني الجمعة " من كلام التابعي أو من دونه ، أخذه قائله مما فهمه من التسوية بين الجمعة والظهر عند أنس ، ويؤيده ما عند الإسماعيلي عن أنس من طريق أخرى وليس فيه قوله : " يعني الجمعة " قوله : ( نجمع ) هو بتشديد الميم المكسورة قوله : ( نتتبع الفيء ) فيه تصريح بأنه قد وجد في ذلك الوقت فيء يسير . قال النووي : إنما كان ذلك لشدة التبكير وقصر حيطانهم . وفي رواية للبخاري : { ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل به } وفي رواية لمسلم : " وما نجد فيئا نستظل به " والمراد نفي الظل الذي يستظل به ، لا نفي أصل الظل كما هو الأكثر الأغلب من توجه النفي إلى القيود الزائدة . ويدل على ذلك قوله : { ثم نرجع نتتبع الفيء } قيل : وإنما كان كذلك لأن الجدران كانت في ذلك العصر قصيرة لا يستظل بظلها إلا بعد توسط الوقت ، فلا دلالة في ذلك على أنهم كانوا يصلون قبل الزوال قوله : ( ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة ) فيه دليل لمن قال بجواز صلاة الجمعة قبل الزوال ، وإلى ذلك ذهب أحمد بن حنبل . واختلف أصحابه في الوقت الذي تصح فيه قبل الزوال هل هو الساعة السادسة أو الخامسة أو وقت دخول وقت صلاة العيد . ووجه الاستدلال به أن الغداء والقيلولة محلهما قبل الزوال . وحكوا عن ابن قتيبة أنه قال : لا يسمى غداء ولا قائلة بعد الزوال ، وأيضا قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين ويجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس كما في مسلم من حديث أم هشام بنت حارثة أخت عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت : { ما حفظت ق والقرآن المجيد إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرؤها على المنبر كل جمعة } .

وعند ابن ماجه من حديث أبي بن كعب : { أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الجمعة تبارك وهو قائم يذكر بأيام الله ، وكان يصلي الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين } كما ثبت ذلك عند مسلم من حديث علي وأبي هريرة وابن عباس ، ولو كانت خطبته وصلاته بعد الزوال لما انصرف منها إلا وقد صار للحيطان ظل يستظل به وقد خرج وقت الغداء والقائلة .

وأصرح من هذا حديث جابر المذكور في الباب ، فإنه صرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة ثم يذهبون إلى جمالهم فيريحونها عند الزوال ، ولا ملجئ إلى التأويلات المتعسفة [ ص: 310 ] التي ارتكبها الجمهور ، واستدلالهم بالأحاديث القاضية بأنه صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة بعد الزوال لا ينفي الجواز قبله .

وقد أغرب ابن العربي فنقل الإجماع على أنها لا تجب حتى تزول الشمس ، إلا ما نقل عن أحمد وهو مردود فإنه قد نقل ابن قدامة وغيره عن جماعة من السلف مثل قول أحمد . وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن سلمة أنه قال : صلى بنا عبد الله بن مسعود الجمعة ضحى وقال : خشيت عليكم الحر . وأخرج من طريق سعيد بن سويد قال : صلى بنا معاوية الجمعة ضحى . وكذلك روي عن جابر وسعيد بن زيد كما في رواية أحمد التي ذكرها المصنف وروى مثل ذلك ابن أبي شيبة في المصنف عن سعد بن أبي وقاص . قوله : ( وعن عبد الله بن سيلان السلمي ) أخرج هذا الأثر أيضا أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة وابن أبي شيبة ، قال الحافظ : ورجاله ثقات إلا عبد الله بن سيلان فإنه تابعي كبير إلا أنه غير معروف العدالة قال ابن عدي : يشبه المجهول . وقال البخاري : لا يتابع على حديثه ، وقد عارضه ما هو أقوى منه .

وروى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين تزول الشمس ، وإسناده قوي . .

التالي السابق


الخدمات العلمية