صفحة جزء
باب ما جاء في اجتماع العيد والجمعة

1267 - ( عن زيد بن أرقم رضي الله عنه وسأله معاوية : هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا ؟ قال نعم ، صلى العيد أول النهار ، ثم رخص في الجمعة فقال : { من شاء أن يجمع فليجمع } رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ) .

1268 - ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { قد اجتمع في يومكم هذا عيدان ، فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون } رواه أبو داود وابن ماجه ) .

1269 - ( وعن وهب بن كيسان رضي الله عنه قال : { اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير ، فأخر الخروج حتى تعالى النهار ، ثم خرج فخطب ، ثم نزل فصلى ولم يصل للناس يوم الجمعة ، فذكرت ذلك لابن عباس فقال : أصاب السنة . } رواه النسائي وأبو داود بنحوه ، لكن من رواية عطاء ولأبي داود عن عطاء قال : اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر على عهد ابن الزبير فقال : عيدان اجتمعا في يوم واحد ، فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر ) .


حديث زيد بن أرقم أخرجه أيضا النسائي والحاكم وصححه علي بن المديني ، وفي [ ص: 336 ] إسناده إياس بن أبي رملة وهو مجهول . وحديث أبي هريرة أخرجه أيضا الحاكم ، وفي إسناده بقية بن الوليد ، وقد صحح أحمد بن حنبل والدارقطني إرساله ، ورواه البيهقي موصولا مقيدا بأهل العوالي وإسناده ضعيف ، وفعل ابن الزبير وقول ابن عباس : أصاب السنة رجاله رجال الصحيح .

وحديث عطاء رجاله رجال الصحيح .

وفي الباب عن ابن عباس عند ابن ماجه . قال الحافظ : وهو وهم منه نبه عليه هو . وعن ابن عمر عند ابن ماجه أيضا وإسناده ضعيف . ورواه الطبراني من وجه آخر عن ابن عمر ، ورواه البخاري من قول ابن عثمان ورواه الحاكم من قول ابن الخطاب كذا قال الحافظ قوله : ( ثم رخص في الجمعة . . . إلخ ) فيه أن صلاة الجمعة في يوم العيد يجوز تركها . وظاهر الحديثين عدم الفرق بين من صلى العيد ومن لم يصل ، وبين الإمام وغيره ، لأن قوله : " لمن شاء " يدل على أن الرخصة تعم كل أحد .

وقد ذهب الهادي والناصر والأخوان إلى أن صلاة الجمعة تكون رخصة لغير الإمام وثلاثة . واستدلوا بقوله في حديث أبي هريرة : " وإنا مجمعون " وفيه أن مجرد هذا الإخبار لا يصلح للاستدلال به على المدعى ، أعني الوجوب . ويدل على عدم الوجوب وأن الترخيص عام لكل أحد ترك ابن الزبير للجمعة وهو الإمام إذ ذاك . وقول ابن عباس : أصاب السنة ، رجاله رجال الصحيح ، وعدم الإنكار عليه من أحد من الصحابة . وأيضا لو كانت الجمعة واجبة على البعض لكانت فرض كفاية وهو خلاف معنى الرخصة . وحكي في البحر عن الشافعي في أحد قوليه وأكثر الفقهاء أنه لا ترخيص ، لأن دليل وجوبها لم يفصل ، وأحاديث الباب ترد عليهم . وحكي عن الشافعي أيضا أن الترخيص يختص بمن كان خارج المصر . واستدل له بقول عثمان : من أراد من أهل العوالي أن يصلي معنا الجمعة فليصل ، ومن أراد أن ينصرف فليفعل ورده بأن قول عثمان لا يخصص قوله صلى الله عليه وسلم . قوله : ( لم يزد عليهما حتى صلى العصر ) ظاهره أنه لم يصل الظهر ، وفيه أن الجمعة إذا سقطت بوجه من الوجوه المسوغة لم يجب على من سقطت عنه أن يصلي الظهر ، وإليه ذهب عطاء ، حكي ذلك عنه في البحر .

والظاهر أنه يقول بذلك القائلون بأن الجمعة الأصل . وأنت خبير بأن الذي افترضه الله تعالى على عباده في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة فإيجاب صلاة الظهر على من تركها لعذر أو لغير عذر محتاج إلى دليل ، ولا دليل يصلح للتمسك به على ذلك فيما أعلم .

قال المصنف رحمه الله تعالىبعد أن ساق الرواية المتقدمة عن ابن الزبير : قلت إنما وجه هذا أنه رأى تقدمة الجمعة قبل الزوال فقدمها واجتزأ بها عن العيد انتهى . لا يخفى ما في هذا الوجه من التعسف .

التالي السابق


الخدمات العلمية