صفحة جزء
[ ص: 349 ] باب صلاة العيد قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة وما يقرأ فيها

1284 - ( عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة } رواه الجماعة إلا أبا داود ) .


وفي الباب عن جابر عند البخاري ومسلم وأبي داود قال : { خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر فصلى قبل الخطبة } .

وعن ابن عباس عند الجماعة إلا الترمذي قال : { شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة } وفي لفظ : { أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلى قبل الخطبة } .

وعن أنس عند البخاري ومسلم : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم النحر ثم خطب } .

وعن البراء عند البخاري ومسلم وأبي داود قال : { خطب النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الأضحى بعد الصلاة } .

وعن جندب عند البخاري ومسلم : { صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ثم خطب ثم ذبح } .

وعن أبي سعيد عند البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه قال : { خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أضحى أو فطر إلى المصلى ، فصلى ثم انصرف فقام فوعظ الناس } الحديث .

وعن عبد الله بن السائب عند أبي داود والنسائي وابن ماجه قال : { شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد ، فلما قضى الصلاة قال : إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ، ومن أحب أن يذهب فليذهب } قال أبو داود : وهو مرسل . وقال النسائي : هذا خطأ ، والصواب مرسل .

وعن عبد الله بن الزبير عند أحمد " أنه قال حين صلى قبل الخطبة ثم قام يخطب : أيها الناس كل سنة الله وسنة رسوله " قال العراقي : وإسناده جيد . وأحاديث الباب تدل على أن المشروع في صلاة العيد تقديم الصلاة على الخطبة . قال القاضي عياض : هذا هو المتفق عليه بين علماء الأمصار وأئمة الفتوى ، ولا خلاف بين أئمتهم فيه وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده ، إلا ما روي أن عمر في شطر خلافته الآخر قدم الخطبة ; لأنه رأى من الناس من تفوته الصلاة وليس بصحيح ، ثم قال : وقد فعله ابن الزبير في آخر أيامه .

وقال ابن قدامة : لا نعلم فيه خلافا بين المسلمين إلا عن بني أمية قال : وعن ابن عباس وابن الزبير أنهما فعلاه ولم يصح عنهما ، قال : ولا يعتد بخلاف بني أمية ; لأنه مسبوق بالإجماع الذي كان قبلهم ، ومخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، وقد أنكر عليهم فعلهم وعد بدعة ومخالفا للسنة . وقال العراقي : إن تقديم الصلاة على الخطبة قول العلماء كافة . وقال : إن ما روي عن عمر وعثمان وابن الزبير لم يصح عنهم ، أما رواية ذلك عن عمر فرواها ابن أبي شيبة : [ ص: 350 ] أنه لما كان عمر وكثر الناس في زمانه ، فكان إذا ذهب ليخطب ذهب أكثر الناس ، فلما رأى ذلك بدأ بالخطبة وختم بالصلاة ، قال : وهذا الأثر وإن كان رجاله ثقات فهو شاذ مخالف ما ثبت في الصحيحين عن عمر من رواية ابنه عبد الله وابن عباس وروايتهما عنه أولى قال : وأما رواية ذلك عن عثمان فلم أجد لها إسنادا . وقال القاضي أبو بكر بن العربي : يقال : إن أول من قدمها عثمان ، وهو كذب لا يلتفت إليه . انتهى . ويرده ما ثبت في الصحيحين من رواية ابن عباس عن عثمان كما تقدم . وقال الحافظ في الفتح : إنه روى ابن المنذر ذلك عن عثمان بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قال : أول من خطب الناس قبل الصلاة عثمان .

قال الحافظ : ويحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك أحيانا ، وقال بعد أن ساق الرواية المتقدمة عن عمر وعزاها إلى عبد الرزاق وابن أبي شيبة وصحح إسنادها : إنه يحمل على أن ذلك وقع منه نادرا .

قال العراقي : وأما فعل ابن الزبير فرواه ابن أبي شيبة في المصنف ، وإنما فعل ذلك لأمر وقع بينه وبين ابن عباس ، ولعل ابن الزبير كان يرى ذلك جائزا .

وقد تقدم عن ابن الزبير أنه صلى قبل الخطبة . وثبت في صحيح مسلم عن عطاء أن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير أول ما بويع له أنه لم يكن يؤذن للصلاة يوم الفطر فلا تؤذن لها ، قال : فلم يؤذن لها ابن الزبير يومه ، وأرسل إليه مع ذلك : إنما الخطبة بعد الصلاة ، وإن ذلك قد كان يفعل ، قال : فصلى ابن الزبير قبل الخطبة . قال الترمذي : ويقال : إن أول من خطب قبل الصلاة مروان بن الحكم . انتهى .

وقد ثبت في صحيح مسلم من رواية طارق بن شهاب عن أبي سعيد قال : أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان . وقيل : أول من فعل ذلك معاوية ، حكاه القاضي عياض وأخرجه الشافعي عن ابن عباس بلفظ : " حتى قدم معاوية فقدم الخطبة " ورواه عبد الرزاق عن الزهري بلفظ : " أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية " . وقيل : أول من فعل ذلك زياد في البصرة في خلافة معاوية ، حكاه القاضي عياض أيضا . وروى ابن المنذر عن ابن سيرين أن أول من فعل ذلك زياد بالبصرة قال : ولا مخالفة بين هذين الأثرين وأثر مروان ; لأن كلا من مروان وزياد كان عاملا لمعاوية فيحمل على أنه ابتدأ ذلك وتبعه عماله . قال العراقي : الصواب أن أول من فعله مروان بالمدينة في خلافة معاوية كما ثبت ذلك في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري ، قال : ولم يصح فعله عن أحد من الصحابة لا عمر ولا عثمان ولا معاوية ولا ابن الزبير انتهى . وقد عرفت صحة بعض ذلك ، فالمصير إلى الجمع أولى .

وقد اختلف في صحة صلاة العيدين مع تقدم الخطبة ، ففي مختصر المزني عن الشافعي ما يدل على عدم الاعتداد بها . وكذا قال النووي في شرح المهذب : إن ظاهر نص الشافعي أنه لا يعتد بها ، قال : وهو الصواب . .

التالي السابق


الخدمات العلمية