صفحة جزء
أبواب الكفن وتوابعه باب التكفين من رأس المال

1387 - ( عن خباب بن الأرت { أن مصعب بن عمير قتل يوم أحد ولم يترك إلا نمرة ، فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه ، وإذا غطينا رجليه بدا رأسه ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي بها رأسه ونجعل على رجليه شيئا من الإذخر } رواه الجماعة إلا ابن ماجه )

1388 - ( وعن خباب أيضا { أن حمزة لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء إذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه حتى مدت على رأسه وجعل على قدميه الإذخر . } رواه أحمد ) .


الحديث الثاني أخرجه أيضا الحاكم عن أنس قوله : ( أن مصعب بن عمير قتل ) في رواية للبخاري أن عبد الرحمن بن عوف قال : " قتل مصعب بن عمير وكان خيرا مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة ، وقتل حمزة أو رجل آخر فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة " . قال في الفتح : قوله : " أو رجل آخر " لم أقف على اسمه ، ولم يقع في أكثر الروايات إلا بلفظ حمزة ومصعب فقط قوله : ( إلا نمرة ) هي شملة فيها خطوط بيض وسود أو [ ص: 43 ] بردة من صوف يلبسها الأعراب كذا في القاموس : قوله : ( فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي بها رأسه ) فيه دليل على أنه إذا ضاق الكفن عن ستر جميع البدن ولم يوجد غيره جعل مما يلي الرأس وجعل النقص مما يلي الرجلين .

قال النووي : فإن ضاق عن ذلك سترت العورة فإن فضل شيء جعل فوقها ، وإن ضاق عن العورة سترت السوأتان ; لأنهما أهم وهما الأصل في العورة قال : وقد يستدل بهذا الحديث على أن الواجب في الكفن ستر العورة فقط ، ولا يجب استيعاب البدن عند التمكن فإن قيل : لم يكونوا متمكنين من جميع البدن لقوله : لم يوجد له غيرها ، فجوابه أن معناه لم يوجد مما يملكه الميت إلا نمرة ، ولو كان ستر جميع البدن واجبا لوجب على المسلمين الحاضرين تتميمه إن لم يكن له قريب يلزمه نفقته ، فإن كان وجبت عليه فإن قيل : كانوا عاجزين عن ذلك ; لأن القضية جرت يوم أحد وقد كثرت القتلى من المسلمين واشتغلوا بهم وبالخوف من العدو عن ذلك . وجوابه أنه يبعد من حال الحاضرين المتولين دفنه أن لا يكون مع واحد منهم قطعة من ثوب ونحوها انتهى .

وقد استدل بالحديثين على أن الكفن يكون من رأس المال ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتكفين في النمرة ولا مال غيرها قال ابن المنذر : قال بذلك جميع أهل العلم إلا رواية شاذة عن خلاس بن عمرو وقال : الكفن من الثلث وعن طاوس قال : من الثلث إن كان قليلا وحكى في البحر عن الزهري وطاوس أنه من الثلث إن كان معسرا قد أخرج الطبراني في الأوسط من حديث علي " أن الكفن من جميع المال " وإسناده ضعيف وأخرجه ابن أبي حاتم في العلل من حديث جابر ، وحكى عن أبيه أنه منكر ، وقد أخرجهما عبد الرزاق .

قوله : ( وتجعل على رجليه شيئا من الإذخر ) فيه أنه يستحب إذا لم يوجد ساتر ألبتة لبعض البدن أو لكله أن يغطى بالإذخر ، فإن لم يوجد فما تيسر من نبات الأرض وقد كان الإذخر مستعملا لذلك عند العرب كما يدل عليه قول العباس : إلا الإذخر فإنه لبيوتنا وقبورنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية