صفحة جزء
باب تطييب بدن الميت وكفنه إلا المحرم

1398 - ( عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثا } رواه أحمد ) .

1399 - ( وعن ابن عباس قال { : بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه ، فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة ملبيا } . رواه الجماعة . والنسائي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { اغسلوا المحرم في ثوبيه اللذين أحرم فيهما واغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه بطيب ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة محرما } )


حديث جابر أخرجه أيضا البيهقي والبزار ، قيل : ورجاله رجال الصحيح . وأخرج نحوه أحمد بن حنبل أيضا عن جابر مرفوعا بلفظ : { إذا أجمرتم الميت فأوتروا } . قوله : ( إذا أجمرتم الميت ) أي بخرتموه ، وفيه استحباب تبخير الميت ثلاثا . قوله : ( بينما رجل ) قال في الفتح : لم أقف في شيء من الطرق على تسمية المحرم المذكور ، ووهم بعض المتأخرين فزعم أن اسمه واقد بن عبد الله ، وعزاه إلى ابن قتيبة في ترجمة عمر من كتاب المغازي . وسبب الوهم أن ابن قتيبة لما ذكر ترجمة عمر ذكر أولاده ، ومنهم عبد الله بن عمر ، ثم ذكر أولاد عبد الله فذكر فيهم واقد بن عبد الله بن عمر ، فقال : وقع عن بعيره [ ص: 51 ] وهو محرم فهلك ، فظن هذا المتأخر أن لواقد بن عبد الله صحبة وأنه صاحب القصة التي وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وليس كما ظن ، فإن واقدا المذكور لا صحبة له ، فإن أمه صفية بنت أبي عبيد ، وإنما تزوجها أبوه في خلافة عمر ، وفي الصحابة أيضا واقد بن عبد الله آخر ، ولكنه مات في خلافة عمر كما ذكر ابن سعد

قوله : ( فوقصته ) بفتح الواو بعدها قاف ثم صاد مهملة . وفي رواية للبخاري " فأقصعته " وفي أخرى له " أقصعته " وفي له أيضا " أوقصته " والوقص : الكسر كما في القاموس ، والقصع : الهشم ، وقيل : هو خاص بكسر العظم . قال الحافظ : ولو سلم فلا مانع أن يستعار لكسر الرقبة ; والقعص : القتل في الحال ، ومنه قعاص الغنم : وهو موتها كذا في الفتح . قوله : ( اغسلوه بماء وسدر ) فيه دليل على وجوب الغسل بالماء والسدر ، وقد تقدم الكلام على ذلك . قوله : ( وكفنوه في ثوبيه ) فيه أنه يكفن المحرم في ثيابه التي مات فيها

وقيل : إنما اقتصر على تكفينه في ثوبيه لكونه مات فيهما وهو متلبس بتلك العبادة الفاضلة . ويحتمل أنه لم يجد غيرهما . قوله : ( ولا تحنطوه ) هو من الحنوط بالمهملة وهو الطيب الذي يوضع للميت . قوله : ( ولا تخمروا رأسه ) أي لا تغطوه وفيه دليل على بقاء حكم الإحرام ، وكذلك قوله : " ولا تحنطوه " وأصرح من ذلك التعليل بقوله : { فإن الله يوم القيامة يبعثه ملبيا } وقوله في الرواية الأخرى : { فإنه يبعث يوم القيامة محرما } وخالف في ذلك المالكية والحنفية وقالوا : إن قصة هذا الرجل واقعة عين لا عموم لها فتختص به . وأجيب بأن الحديث ظاهر في أن العلة هي كونه في النسك وهي عامة في كل محرم . والأصل أن كل ما ثبت لواحد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت لغيره حتى يثبت التخصيص

وما أحسن ما اعتذر به الداودي عن مالك فقال : إنه لم يبلغه الحديث . قوله : ( ولا تمسوه ) بضم أوله وكسر الميم من أمس . قال ابن المنذر : وفي الحديث إباحة غسل المحرم الحي بالسدر خلافا لمن كرهه ، وأن الوتر في الكفن ليس بشرط ، وأن الكفن من رأس المال لأمره صلى الله عليه وسلم بتكفينه في ثوبيه ، ولم يستفصل هل عليه دين مستغرق أم لا ؟ وفيه استحباب تكفين المحرم في إحرامه ، وأن إحرامه باق ، وأنه لا يكفن في المحنط كما تقدم ، وأنه يجوز التكفين في الثياب الملبوسة ، وأن الإحرام يتعلق بالرأس

التالي السابق


الخدمات العلمية