صفحة جزء
ترك الإمام الصلاة على الغال وقاتل نفسه

1403 - ( عن زيد بن خالد الجهني { أن رجلا من المسلمين توفي بخيبر ، وأنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : صلوا على صاحبكم ، فتغيرت وجوه القوم لذلك ; فلما رأى الذي بهم قال : إن صاحبكم غل في سبيل الله ، ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز اليهود ما يساوي درهمين . } رواه الخمسة إلا الترمذي ) .

1404 - ( وعن جابر بن سمرة { أن رجلا قتل نفسه بمشاقص ، فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم } رواه الجماعة إلا البخاري ) .


الحديث الأول سكت عنه أبو داود والمنذري ، ورجال إسناده رجال الصحيح قوله : ( فقال : صلوا على صاحبكم ) فيه جواز الصلاة على العصاة . وأما ترك النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه فلعله للزجر عن الغلول كما امتنع من الصلاة على المديون وأمرهم بالصلاة عليه . قوله : ( ففتشنا متاعه . . . إلخ ) فيه معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لإخباره بذلك وانكشاف الأمر كما قال . قوله : ( ما يساوي درهمين ) فيه دليل على تحريم الغلول وإن كان شيئا حقيرا . وقد ورد في الوعيد عليه أحاديث كثيرة ليس هذا محل بسطها

قوله : ( بمشاقص ) جمع مشقص كمنبر : نصل عريض أو سهم فيه ذلك ، والنصل الطويل أو سهم فيه ذلك يرمى به الوحش كذا في القاموس . قوله : ( فلم يصل عليه ) فيه دليل لمن قال : إنه لا يصلى على الفاسق وهم العترة وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي ، فقالوا : لا يصلى على الفاسق تصريحا أو تأويلا ، ووافقهم أبو حنيفة وأصحابه في الباغي والمحارب ، ووافقهم الشافعي في قول له في قاطع الطريق . وذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور العلماء إلى أنه يصلى على الفاسق . وأجابوا عن حديث جابر بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما لم يصل عليه بنفسه زجرا للناس وصلت عليه الصحابة . ويؤيد ذلك ما عند النسائي بلفظ : " أما أنا فلا أصلي عليه " وأيضا مجرد الترك لو فرض أنه لم يصل عليه هو ولا غيره لا يدل على الحرمة المدعاة . ويدل على الصلاة على الفاسق حديث { صلوا على من قال لا إله إلا الله } وقد تقدم الكلام عليه في باب ما جاء في إمامة الفاسق من أبواب الجماعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية