صفحة جزء
باب المؤلفة قلوبهم

1598 - ( عن أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسأل شيئا على الإسلام إلا أعطاه ، قال : فأتاه رجل فسأله ، فأمر له بشاء كثير بين جبلين من شاء الصدقة ، قال : فرجع إلى قومه فقال : يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة } رواه أحمد بإسناد صحيح ) .

1599 - ( وعن عمرو بن تغلب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بمال أو سبي فقسمه ، فأعطى رجالا وترك رجالا ، فبلغه أن الذين ترك عتبوا ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فوالله إني لأعطي الرجل ، وأدع الرجل ، والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي ، ولكني أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع ، وأكل أقواما إلى [ ص: 198 ] ما جعل في قلوبهم من الغنى والخير منهم عمرو بن تغلب ، فوالله ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم } رواه أحمد والبخاري ) .


الحديثان يدلان على جواز التأليف لمن لم يرسخ إيمانه من مال الله - عز وجل - وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة : منها إعطاؤه صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصين والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس كل إنسان منهم مائة من الإبل .

وروي أيضا { أنه أعطى علقمة بن علاثة مائة ، ثم قال للأنصار لما عتبوا عليه ; ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والإبل وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم ؟ ثم قال لما بلغه أنهم قالوا : يعطي صناديد نجد ويدعنا : إنما فعلت ذلك لأتألفهم } كما في صحيح مسلم . وقد ذهب إلى جواز التأليف العترة والجبائي والبلخي وابن مبشر . وقال الشافعي : لا نتألف كافرا ، فأما الفاسق فيعطى من سهم التأليف . وقال أبو حنيفة وأصحابه : قد سقط بانتشار الإسلام وغلبته واستدلوا على ذلك بامتناع أبي بكر من إعطاء أبي سفيان وعيينة والأقرع وعباس بن مرداس ، والظاهر جواز التأليف عند الحاجة إليه ، فإذا كان في زمن الإمام قوم لا يطيعونه إلا للدنيا ولا يقدر على إدخالهم تحت طاعته بالقسر والغلب فله أن يتألفهم ولا يكون لفشو الإسلام تأثير لأنه لم ينفع في خصوص هذه الواقعة وقد عد ابن الجوزي أسماء المؤلفة قلوبهم في جزء مفرد فبلغوا نحو الخمسين نفسا

التالي السابق


الخدمات العلمية