صفحة جزء
باب الغارمين

1603 - ( عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة : لذي فقر مدقع ، أو لذي غرم مفظع ، أو لذي دم موجع } رواه أحمد وأبو داود ) .

1604 - ( وعن قبيصة بن مخارق الهلالي قال : { تحملت حمالة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها ، فقال : أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ، ثم قال : يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة [ ص: 200 ] حتى يصيبها ثم يمسك . ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش ، أو قال : سدادا من عيش ، ورجل أصابته فاقة ، حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش ، أو قال : سدادا من عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة فسحت يأكلها صاحبها سحتا } رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود )


حديث أنس تقدم في باب ما جاء في الفقير والمسكين والمسألة ، وتقدم الكلام عليه هنالك . قوله : ( حمالة ) بفتح الهاء المهملة وهو ما يتحمله الإنسان ويلتزمه في ذمته بالاستدانة ليدفعه في إصلاح ذات البين ، وإنما تحل له المسألة بسببه ويعطى من الزكاة بشرط أن يستدين لغير معصية ، وإلى هذا ذهب الحسن البصري والباقر والهادي وأبو العباس وأبو طالب

وروي عن الفقهاء الأربعة والمؤيد بالله أنه يعان لأن الآية لم تفصل ، وشرط بعضهم أن الحمالة لا بد أن تكون لتسكين فتنة ، وقد كانت العرب إذا وقعت بينهم فتنة اقتضت غرامة في دية أو غيرها قام أحدهم فتبرع بالتزام ذلك والقيام به حتى ترتفع تلك الفتنة الثائرة ، ولا شك أن هذا من مكارم الأخلاق ، وكانوا إذا علموا أن أحدهم تحمل حمالة بادروا إلى معونته أو أعطوه ما تبرأ به ذمته ، وإذا سأل لذلك لم يعد نقصا في قدره بل فخرا . قوله : ( فنأمر لك ) بنصب الراء . قوله : ( لرجل ) يجوز فيه الجر على البدل والرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف

قوله : ( جائحة ) هي ما اجتاح المال وأتلفه إتلافا ظاهرا كالسيل والحريق . قوله : ( قواما ) بكسر القاف : وهو ما تقوم به حاجته ويستغني به وهو بفتح القاف : الاعتدال . قوله : ( سدادا ) هو بكسر السين : ما تسد به الحاجة والخلل . وأما السداد بالفتح فقال الأزهري : هو الإصابة في النطق والتدبير والرأي ، ومنه سداد من عوز . قوله : ( من ذوي الحجا ) بكسر الحاء المهملة مقصور العقل ، وإنما جعل العقل معتبرا لأن من لا عقل له لا تحصل الثقة بقوله وإنما قال : " من قومه " لأنهم أخبر بحاله وأعلم بباطن أمره ، والمال مما يخفى في العادة ولا يعلمه إلا من كان خبيرا بحاله ، وظاهره اعتبار شهادة ثلاثة على الإعسار

وقد ذهب إلى ذلك ابن خزيمة وبعض أصحاب الشافعي . وقال الجمهور : تقبل شهادة عدلين كسائر الشهادات غير الزنا ، وحملوا الحديث على الاستحباب . قوله : ( فاقة ) قال الجوهري : الفاقة : الفقر والحاجة . قوله : ( فسحت ) بضم السين وسكون الحاء المهملتين ، وروي بضم الحاء : وهو الحرام ، وسمي سحتا لأنه يسحت : أي يمحق . وهذا الحديث مخصص بما في حديث سمرة من جواز سؤال الرجل للسلطان وفي الأمر الذي لا بد منه فيزدادن على هذه الثلاثة ويكون الجميع خمسة

التالي السابق


الخدمات العلمية