صفحة جزء
باب ما جاء في القيء والاكتحال

1649 - ( عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من ذرعه القيء فليس عليه [ ص: 242 ] قضاء ، ومن استقاء عمدا فليقض } رواه الخمسة إلا النسائي ) .


الحديث أخرجه أيضا ابن حبان والدارقطني والحاكم وله ألفاظ . قال النسائي : وقفه عطاء على أبي هريرة . وقال الترمذي : لا نعرفه إلا من حديث هشام عن محمد عن أبي هريرة تفرد به عيسى بن يونس . وقال البخاري : لا أراه محفوظا ، وقد روي من غير وجه ولا يصح إسناده . وقال أبو داود وبعض الحفاظ : لا نراه محفوظا . قال الحافظ : وأنكره أحمد وقال في روايته : ليس من ذا شيء ، يعني أنه غير محفوظ كما قال الخطابي . وصححه الحاكم على شرطهما .

وفي الباب عن ابن عمر موقوفا عند مالك في الموطإ والشافعي بلفظ : { من استقاء وهو صائم فعليه القضاء ، ومن ذرعه القيء فليس عليه القضاء } .

قوله : ( من ذرعه ) قال في التلخيص : هو بفتح الذال المعجمة : أي غلبه قوله : ( من استقاء عمدا ) أي استدعى القيء وطلب خروجه تعمدا . والحديث يدل على أنه لا يبطل صوم من غلبه القيء ولا يجب عليه القضاء ، ويبطل صوم من تعمد إخراجه ولم يغلبه ويجب عليه القضاء . وقد ذهب إلى هذا علي وابن عمر وزيد بن أرقم وزيد بن علي والشافعي والناصر والإمام يحيى حكى ذلك عنهم في البحر . وحكى ابن المنذر الإجماع على أن تعمد القيء يفسد الصيام . وقال ابن مسعود وعكرمة وربيعة والهادي والقاسم : إنه لا يفسد الصوم سواء كان غالبا أو مستخرجا ما لم يرجع منه شيء باختيار . واستدلوا بحديث أبي سعيد المتقدم في الباب الذي قبل هذا بلفظ : { ثلاث لا يفطرن : القيء ، والحجامة ، والاحتلام } وأجيب بأنه فيه المقال المتقدم فلا ينتهض معه للاستدلال .

ولو سلم صلاحيته لذلك فهو محمول كما قال البيهقي على من ذرعه القيء وهذا لا بد منه ; لأن ظاهر حديث أبي سعيد أن القيء لا يفطر مطلقا ، وظاهر حديث أبي هريرة أنه يفطر نوع منه خاص ، فيبنى العام على الخاص ، ويؤيد حديث أبي هريرة ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن الجارود وابن حبان والدارقطني والبيهقي والطبراني وابن منده والحاكم ، ومن حديث أبي الدرداء : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر } قال معدان بن أبي طلحة الراوي له عن أبي الدرداء : " فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فقلت له : إن أبا الدرداء أخبرني ، فذكره ، فقال : صدق أنا صببت عليه وضوءه " قال ابن المنذر : إسناده صحيح متصل ، وتركه الشيخان لاختلاف في إسناده . قال الترمذي : جوده حسين المعلم وهو أصح شيء في هذا الباب . وكذلك قال أحمد : قال البيهقي : هذا حديث مختلف في إسناده ، فإن صح فهو محمول على القيء عامدا ، وكأنه كان صلى الله عليه وسلم صائما تطوعا ، وقال في موضع آخر إسناده مضطرب ولا تقوم به حجة .

التالي السابق


الخدمات العلمية