صفحة جزء
باب الصائم يتمضمض أو يغتسل من الحر

1654 - ( عن عمر قال : { هششت يوما فقبلت وأنا صائم ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت صنعت اليوم أمرا عظيما ، قبلت وأنا صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم ؟ قلت : لا بأس بذلك ، فقال : ففيم } ؟ رواه أحمد وأبو داود ) .

1655 - ( وعن أبي بكر بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصب الماء على رأسه من الحر وهو صائم } . رواه أحمد وأبو داود ) .


الحديث الأول أخرجه أيضا النسائي وقال : إنه منكر . وقال أبو بكر البزار : لا نعلمه يروى عن عمر إلا من هذا الوجه ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم .

والحديث [ ص: 249 ] الثاني أخرجه النسائي ورجال إسناده رجال الصحيح . قوله : ( هششت ) بشينين معجمتين أي نشطت وارتحت ، والهشاش في الأصل : الارتياح والخفة والنشاط ، كذا في القاموس . قوله : ( أرأيت لو تمضمضت . . . إلخ ) فيه إشارة إلى فقه بديع وهو أن المضمضة لا تنقص الصوم وهي أول الشرب ومفتاحه ، فكذلك القبلة لا تنقصه وهي من دواعي الجماع وأوائله التي تكون مفتاحا له ، والشرب يفسد الصوم كما يفسده الجماع ، فكما ثبت عن عمر أن أوائل الشرب لا تفسد الصيام كذلك أوائل الجماع لا تفسده ، وسيأتي الخلاف في التقبيل . قوله : ( يصب الماء على رأسه . . . إلخ ) فيه دليل على أنه يجوز للصائم أن يكسر الحر بصب الماء على بعض بدنه أو كله ، وقد ذهب إلى ذلك الجمهور ، ولم يفرقوا بين الأغسال الواجبة والمسنونة والمباحة .

وقالت الحنفية : إنه يكره الاغتسال للصائم ، واستدلوا بما أخرجه عبد الرزاق عن علي من النهي عن دخول الصائم الحمام ، ومع كونه أخص من محل النزاع في إسناده ضعف كما قال الحافظ . واعلم أنه يكره للصائم المبالغة في المضمضة والاستنشاق لحديث الأمر بالمبالغة في ذلك إلا أن يكون صائما وقد تقدم . واختلف إذا دخل من ماء المضمضة والاستنشاق إلى جوفه خطأ ، فقالت الحنفية والقاسمية ومالك والشافعي في أحد قوليه والمزني : إنه يفسد الصوم . وقال أحمد بن حنبل وإسحاق والأوزاعي والناصر والإمام يحيى وأصحاب الشافعي : إنه لا يفسد الصوم كالناسي . وقال زيد بن علي : يفسد الصوم بعد الثلاث المرات . وقال الصادق : يفسد إذا كان التمضمض لغير قربة . وقال الحسن البصري والنخعي : إنه يفسد إن لم يكن لفريضة .

التالي السابق


الخدمات العلمية