صفحة جزء
أبواب صوم التطوع

باب صوم ست من شوال

1705 - ( عن أيوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فذاك صيام الدهر } رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي ، ورواه أحمد من حديث جابر ) .

1706 - ( وعن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة ، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } رواه ابن ماجه )


. حديث ثوبان أخرجه أيضا النسائي وأحمد والدارمي والبزار .

وفي الباب عن جابر عند أحمد وعبد بن حميد والبزار وهو الذي أشار إليه المصنف ، وفي إسناده عمرو بن جابر وهو ضعيف ، كذا في مجمع الزوائد . وعن أبي هريرة عند البزار وأبي نعيم والطبراني ، وعن ابن عباس عند الطبراني في الأوسط . وعن البراء بن عازب عند الدارقطني . وقد [ ص: 282 ] استدل بأحاديث الباب على استحباب صوم ستة أيام من شوال ، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وداود وغيرهم ، وبه قالت العترة . وقال أبو حنيفة ومالك : يكره صومها ، واستدلا على ذلك بأنه ربما ظن وجوبها وهو باطل لا يليق بعاقل فضلا عن عالم نصب مثله في مقابلة السنة الصحيحة الصريحة ، وأيضا يلزم مثل ذلك في سائر أنواع الصوم المرغب فيها ولا قائل به .

واستدل مالك على الكراهة بما قال في الموطأ من أنه ما رأى أحدا من أهل العلم يصومها ، ولا يخفى أن الناس إذا تركوا العمل بسنة لم يكن تركهم دليلا ترد به السنة . قال النووي في شرح مسلم : قال أصحابنا : والأفضل أن تصام الست متوالية عقب يوم الفطر ، قال : فإن فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى آخره حصلت فضيلة المتابعة لأنه يصدق أنه أتبعه ستا من شوال . قال : قال العلماء : وإنما كان ذلك كصيام الدهر لأن الحسنة بعشر أمثالها فرمضان بعشرة أشهر ، والستة بشهرين ، وقد جاء هذا في حديث مرفوع في كتاب النسائي قوله : ( ستا من شوال ) على صيغة المؤنث ، ولو قال سته بالهاء لكان صحيحا ; لأن المعدود المميز إذا كان غير مذكور لفظا جاز تذكير مميزه وتأنيثه ، يقال صمنا ستا وستة وخمسا وخمسة ، وإنما يلزم إثبات الهاء مع المذكر إذا كان مذكورا لفظا ، وحذفها مع المؤنث إذا كان كذلك ، وهذه قاعدة مسلوكة صرح بها أهل اللغة وأئمة الإعراب قوله : ( بعد الفطر ) أي بعد اليوم الذي يفطر فيه وهو يوم عيد الإفطار فيحمل المطلق على المقيد ، ويكون المراد بالست ثاني الفطر إلى آخر سابعه ، ولكنه يبقى النظر في البعدية المذكورة هل يلزم أن تكون متصلة بيوم الفطر بلا فاصل ، أو يجوز إطلاقها على كل يوم من أيام شوال لكونها بعد يوم الفطر وهكذا يقال في قوله : " ثم أتبعه ستا " لأن الاتباع يحتمل أن يكون بلا فاصل بين التابع والمتبوع إلا بما لا يصلح للصوم وهو يوم الفطر ، ويحتمل أن يجوز إطلاقه مع الفاصل وإن كثر مهما كان التابع في شوال .

التالي السابق


الخدمات العلمية