صفحة جزء
باب صوم أيام البيض وصوم ثلاثة أيام من كل شهر وإن كانت سواها 1735 - ( عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة } رواه أحمد والنسائي والترمذي ) .

1736 - ( وعن أبي قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله } رواه أحمد ومسلم وأبو داود ) .

1737 - ( وعن عائشة قالت : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس } . رواه الترمذي وقال : حديث حسن ) .

1738 - ( وعن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر ، فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } اليوم بعشرة } رواه ابن ماجه والترمذي ) .


[ ص: 300 ] حديث أبي ذر الأول أخرجه أيضا ابن حبان وصححه . ولفظه عند النسائي والترمذي قال : { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض : ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة } - وأخرجه أيضا النسائي وابن حبان وصححه من حديث أبي هريرة ، ورواه النسائي من حديث جرير مرفوعا ، قال الحافظ : وإسناده صحيح ، ورواه ابن أبي حاتم في العلل عن جرير مرفوعا ، وصححه عن أبي زرعة وقفه ، وأخرجه أبو داود والنسائي من طريق ابن ملحان القبيسي عن أبيه . وأخرجه البزار من طريق ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر . وحديث عائشة روي موقوفا ، قال في الفتح : وهو أشبه . وحديث أبي ذر الآخر حسنه الترمذي .

وفي الباب عن ابن مسعود عند أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر } . وعن حفصة عند أبي داود والنسائي { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام : الاثنين والخميس والاثنين من الجمعة الأخرى } .

وعن عائشة غير حديث الباب عند مسلم قالت : { كان صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام لا يبالي أي الشهر صام } وعن أبي هريرة غير حديثه الأول عند الشيخين بلفظ : { أوصاني خليلي بصيام ثلاثة أيام } وعن ابن عباس عند النسائي بلفظ : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر } وسيأتي . وعن قرة بن إياس المزني وأبي عقرب وعثمان بن أبي العاص أشار إلى ذلك الترمذي قوله : ( فصم ثلاث عشرة ) . . . إلخ فيه دليل على استحباب صوم أيام البيض وهي الثلاثة المعينة في الحديث ، وقد وقع الاتفاق بين العلماء على أنه يستحب أن تكون الثلاث المذكورة في وسط الشهر كما حكاه النووي واختلفوا في تعيينها ، فذهب الجمهور إلى أنها ثالث عشر ورابع عشر ، وخامس عشر . وقيل : هي الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر . وحديث أبي ذر المذكور في الباب وما ذكرناه من الأحاديث الواردة في معناه يرد ذلك قوله : ( ثلاث من كل شهر . . . إلخ ) اختلفوا في تعيين هذه الثلاثة الأيام المستحبة من كل شهر ، ففسرها عمر بن الخطاب وابن مسعود وأبو ذر وغيرهم من الصحابة وجماعة من التابعين وأصحاب الشافعي بأيام البيض . ويشكل على هذا قول عائشة المتقدم : { لا يبالي من أي الشهر صام } . وأجيب عن ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم لعله كان يعرض له ما يشغله عن مراعاة ذلك ، أو كان يفعل ذلك لبيان الجواز وكل ذلك في حقه أفضل والذي أمر به قد أخبر به أمته ووصاهم به وعينه له ، فيحمل مطلق الثلاث على الثلاث المقيدة بالأيام المعينة .

واختار النخعي وآخرون أنها آخر الشهر واختار الحسن البصري وجماعة أنها من أوله . واختارت عائشة وآخرون صيام السبت والأحد والاثنين من عدة شهر ، ثم الثلاثاء والأربعاء والخميس من الشهر الذي بعده للحديث المذكور في الباب عنها . وقال البيهقي : [ ص: 301 ] { كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام لا يبالي من أي الشهر صام } كما في حديث عائشة ، قال : فكل من رآه فعل نوعا ذكره ، وعائشة رأت جميع ذلك فأطلقت . وقال الروياني : صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب ، فإن اتفقت أيام البيض كان أحب .

وفي حديث رفعه ابن عمر : " أول اثنين في الشهر وخميسان بعده " وروي عن مالك أنه يكره تعيين الثلاث قال في الفتح : وفي كلام غير واحد من العلماء : إن استحباب صيام أيام البيض غير استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر انتهى .

وهذا هو الحق ; لأن حمل المطلق على المقيد ههنا متعذر . وكذلك استحباب السبت والأحد والاثنين من شهر ، والثلاثاء والأربعاء والخميس من شهر غير استحباب ثلاثة أيام من كل شهر . وقد حكى الحافظ في الفتح في تعيين الثلاثة الأيام المطلقة عشرة أقوال ، وقد ذكرنا أكثرها ، والحق أنها تبقى على إطلاقها فيكون الصائم مخيرا ، وفي أي وقت صامها فقد فعل المشروع لكن لا يفعلها في أيام البيض . فالحاصل من أحاديث الباب استحباب صيام تسعة أيام من كل شهر : ثلاثة مطلقة ، وأيام البيض ، والسبت والأحد والاثنين في شهر ، والثلاثاء والأربعاء والخميس في شهر قوله : ( فذلك صيام الدهر ) وذلك لأن الحسنة بعشرة أمثالها ، فيعدل صيام الثلاثة الأيام من كل شهر صيام الشهر كله ، فيكون كمن صام الدهر

التالي السابق


الخدمات العلمية