صفحة جزء
باب في أن صوم التطوع لا يلزم بالشروع

1745 - ( عن أبي جحيفة قال : { آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء ، فرأى أم الدرداء متبذلة ، فقال لها : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما ، فقال : كل فإني صائم ، فقال : ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل ، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم ، قال : نم فنام ثم ذهب يقوم ، فقال نم ; فلما كان من آخر الليل قال سلمان : قم الآن فصليا ، فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق سلمان } رواه البخاري والترمذي وصححه )


. قوله : ( متبذلة ) بفتح المثناة الفوقية والموحدة بعدها وتشديد الذال المعجمة المكسورة : أي لابسة ثياب البذلة بكسر الموحدة وسكون الذال وهي المهنة وزنا ومعنى ، والمراد أنها تاركة للبس ثياب الزينة .

وفي رواية للكشميهني " مبتذلة " بتقديم الموحدة وتخفيف الذال المعجمة والمعنى واحد قوله : ( ليست له حاجة في الدنيا ) زاد ابن خزيمة " يصوم النهار ويقوم الليل " قوله : ( فقال : كل ) القائل أبو الدرداء على ظاهر هذه الرواية وهي لفظ الترمذي ، ولفظ البخاري " فقال : كل قال : إني صائم " فيكون القائل سلمان قوله : ( فقال : ما أنا بآكل حتى تأكل ) في رواية للبزار : " فقال : أقسمت عليك لتفطرن " وكذا رواه ابن خزيمة والدارقطني والطبراني وابن حبان . قوله : ( فلما كان من آخر الليل ) في رواية ابن خزيمة " فلما كان عند السحر " وعند الترمذي " فلما كان عند الصبح " وللدارقطني " فلما كان وجه الصبح " قوله : ( ولأهلك عليك حقا ) زاد الترمذي وابن خزيمة " ولضيفك عليك حقا " وزاد الدارقطني " فصم وأفطر وصل ونم وأت أهلك " . [ ص: 305 ] قوله : ( صدق سلمان ) فيه دليل على مشروعية النصح للمسلم وتنبيه من غفل ، وفضل قيام آخر الليل ، وثبوت حق المرأة على الزوج في حسن العشرة ، وجواز عن المستحبات إذا خشي أن ذلك يفضي إلى السآمة والملل وتفويت الحقوق المطلوبة ، وكراهة الجهل على النفس في العبادة ، وجواز الفطر من صوم التطوع ، وسيأتي الكلام عليه

التالي السابق


الخدمات العلمية