صفحة جزء
باب وجوب الحج على الفور

1790 - ( عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { تعجلوا إلى الحج ، يعني الفريضة ، فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له } رواه أحمد )

1791 - ( وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل أو أحدهما عن الآخر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتعرض الحاجة } رواه أحمد وابن ماجه . وسيأتي قوله عليه الصلاة والسلام : { من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل } . ) .

1792 - ( وعن الحسن قال : قال عمر بن الخطاب : لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ، ما هم بمسلمين . رواه سعيد في سننه ) .


حديث ابن عباس الآخر في إسناده إسماعيل بن خليفة العبسي أبو إسرائيل ، وهو صدوق ضعيف الحفظ . وقال ابن عدي : عامة ما يرويه يخالف فيه الثقات وحديث " من كسر أو عرج " يأتي إن شاء الله تعالى في باب الفوات والإحصار ، وأثر عمر أخرجه أيضا البيهقي .

وفي الباب عن أبي أمامة مرفوعا عند سعيد بن منصور في سننه وأحمد وأبي [ ص: 337 ] يعلى والبيهقي بلفظ { من لم يحبسه مرض أو حاجة ظاهرة أو مشقة ظاهرة أو سلطان جائر فلم يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا } ولفظ أحمد " من كان ذا يسار فمات ولم يحج " ثم ذكره كما سلف ، وفي إسناده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف ، وشريك وهو سيئ الحفظ ، وقد خالفه سفيان الثوري فأرسله رواه أحمد عن ابن سابط عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وكذا رواه ابن أبي شيبة مرسلا ، وله طريق أخرى عن علي مرفوعا عند الترمذي بلفظ " من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا ، وذلك لأن الله تعالى قال في كتابه : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } قال الترمذي : غريب في إسناده مقال والحارث يضعف ، وهلال بن عبد الله الراوي له عن أبي إسحاق مجهول . وقال العقيلي : لا يتابع عليه ، وقد روي عن علي موقوفا ولم يرو مرفوعا من طريق أحسن من هذا .

وقال المنذري : طريق أبي أمامة على ما فيها أصلح من هذه ، وقد روي من طريق ثالثة عن أبي هريرة رفعه عند ابن عدي بلفظ { من مات ولم يحج حجة الإسلام في غير وجع حابس أو حاجة ظاهرة أو سلطان جائر ، فليمت أي الميتتين شاء إما يهوديا أو نصرانيا } هذه الطرق يقوي بعضها بعضا ، وبذلك يتبين مجازفة ابن الجوزي في عده لهذا الحديث من الموضوعات ، فإن مجموع تلك الطرق لا يقصر عن كون الحديث حسنا لغيره وهو محتج به عند الجمهور ، ولا يقدح في ذلك قول العقيلي والدارقطني : لا يصح في الباب شيء لأن نفي الصحة لا يستلزم نفي الحسن ، وقد شد من عضد هذا الحديث الموقوف الأحاديث المذكورة في الباب ، قال الحافظ : وإذا انضم هذا الموقوف إلى مرسل ابن سابط علم أن لهذا الحديث أصلا ، ومحمله على من استحل الترك ، ويتبين بذلك خطأ من ادعى أنه موضوع انتهى

وقد استدل المصنف بما ذكره في الباب على أن الحج واجب على الفور .

ووجه الدلالة من حديث ابن عباس الأول والثاني ظاهرة ووجهها من حديث " من كسر أو عرج " قوله : ( وعليه الحج من قابل ) ولو كان على التراخي لم يعين العام القابل ، ووجهها - من أثر عمرو من الأحاديث التي ذكرناها - ظاهر ، وإلى القول بالفور ذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد وبعض أصحاب الشافعي ، ومن أهل البيت زيد بن علي والهادي والمؤيد بالله والناصر . وقال الشافعي والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد

ومن أهل البيت القاسم بن إبراهيم وأبو طالب : إنه على التراخي ، واحتجوا بأنه صلى الله عليه وسلم حج سنة عشر وفرض الحج كان سنة ست أو خمس . وأجيب بأنه قد اختلف في الوقت الذي فرض فيه الحج . ومن جملة الأقوال أنه فرض في سنة عشر فلا تأخير ، ولو سلم أنه فرض قبل العاشر فتراخيه صلى الله عليه وسلم إنما كان لكراهة [ ص: 338 ] الاختلاط في الحج بأهل الشرك لأنهم كانوا يحجون ويطوفون بالبيت عراة ، فلما طهر الله البيت الحرام منهم حج صلى الله عليه وسلم ، فتراخيه لعذر ، ومحل النزاع التراخي مع عدمه

التالي السابق


الخدمات العلمية