صفحة جزء
باب من حج عن غيره ولم يكن حج عن نفسه

1806 - ( عن ابن عباس { : أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة ، قال : من شبرمة ؟ قال : أخ لي أو قريب لي ، قال : حججت عن نفسك ؟ قال : لا ، قال : حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة } رواه أبو داود وابن ماجه . وقال : " فاجعل هذه عن نفسك ثم احجج عن شبرمة " والدارقطني .

وفيه قال : " هذه عنك وحج عن شبرمة " ) .


الحديث أخرجه أيضا ابن حبان وصححه البيهقي وقال : إسناده صحيح ، وليس في هذا الباب أصح منه ، وقد روي موقوفا والرفع زيادة يتعين قبولها إذا جاءت من طريق ثقة ، وهي ههنا كذلك ; لأن الذي رفعه عبدة بن سليمان ، قال الحافظ : وهو ثقة محتج به في الصحيحين ، وقد تابعه على رفعه محمد بن بشر ومحمد بن عبيد الله الأنصاري ، وكذا رجح عبد الحق وابن القطان رفعه ، ورجح الطحاوي أنه موقوف وقال : أحمد رفعه خطأ . وقال ابن المنذر : لا يثبت رفعه ، وقد أطال الكلام صاحب التلخيص ومال إلى صحته قوله : ( سمع رجلا ) زعم ابن باطيش أن اسم الملبي نبيشة ، قال الحافظ : وهو وهم منه فإنه اسم الملبى عنه فيما زعم الحسن بن عمارة ، وخالفه الناس فيه فقالوا : إنه [ ص: 347 ] شبرمة ، وقد قيل : إن الحسن بن عمارة رجع عن ذلك ، وقد بينه الدارقطني في السنن ، وظاهر الحديث أنه لا يجوز لمن لم يحج عن نفسه أن يحج عن غيره ، وسواء كان مستطيعا أو غير مستطيع ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل هذا الرجل الذي سمعه يلبي عن شبرمة وهو ينزل منزلة العموم ، وإلى ذلك ذهب الشافعي والناصري . وقال الثوري والهادي والقاسم : إنه يجزئ حج من لم يحج عن نفسه ما لم يضيق عليه . واستدل لهم في البحر بقوله صلى الله عليه وسلم : " هذه عن نبيشة وحج عن نفسك " فكأنهم جمعوا بين هذا وبين حديث الباب بحمل حديث الباب على من كان مستطيعا ، ولكن الحديث الذي استدل لهم به صاحب البحر لا أدري من رواه ولم أقف عليه في شيء من كتب الحديث المعتمدة ، فينبغي الاعتماد على حديث الباب ، ومن زعم أن في السنة ما يعارضه فليطلب منه التصحيح لمدعاه . وقد روى الدارقطني حديث نبيشة موافقا لحديث شبرمة لا مخالفا له كما زعم صاحب البحر ، وتقدم قول من قال : إن اسم شبرمة نبيشة .

التالي السابق


الخدمات العلمية