صفحة جزء
باب استحباب الخطبة يوم النحر 2028 - ( عن الهرماس بن زياد قال : { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقته العضباء يوم الأضحى بمنى } رواه أحمد وأبو داود ) .

2029 - ( وعن أبي أمامة قال : { سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى يوم النحر } رواه أبو داود ) .

2030 - ( وعن عبد الرحمن بن معاذ التيمي قال : { خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى ففتحت أسماعنا حتى كنا نسمع ما يقول ونحن في منازلنا ، فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار ، فوضع أصبعيه السبابتين ، ثم قال : بحصى الخذف ثم أمر المهاجرين فنزلوا في مقدم المسجد ، وأمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد ، ثم نزل الناس بعد ذلك } رواه أبو داود والنسائي بمعناه ) .

2031 - ( وعن أبي بكرة قال : { خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال : أتدرون أي يوم هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال : أليس يوم النحر ؟ قلنا : بلى ، قال : أي شهر هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : أليس ذا الحجة ؟ قلنا : بلى ، قال : أي بلد هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه [ ص: 91 ] بغير اسمه ، قال : أليست البلدة ؟ قلنا : بلى ، قال : فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم ، ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد فليبلغ الشاهد الغائب ، فرب مبلغ أوعى من سامع ، فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض } رواه أحمد والبخاري )


الأحاديث المذكورة في هذا الباب قد قدمها المصنف في كتاب العيدين بألفاظها المذكورة هاهنا من دون زيادة ولا نقصان ولم تجر له عادة بمثل هذا وقد شرحناها هنالك وذكرنا ما في الباب من الأحاديث التي لم يذكرها وسنذكر هنا فوائد لم نتعرض لذكرها هنالك تتعلق بألفاظ هذه الأحاديث فقوله : العضباء هي مقطوعة الأذن قال الأصمعي : كل قطع في الأذن جدع فإن جاوز الربع فهي عضباء . وقال أبو عبيد : إن العضباء التي قطع نصف أذنها فما فوق . وقال الخليل : هي مشقوقة الأذن . قال الحربي : الحديث يدل على أن العضباء اسم لها وإن كانت عضباء الأذن فقد جعل اسمها هذا .

قوله : ( يوم الأضحى بمنى ) وهذه هي الخطبة الثالثة بعد صلاة الظهر فعلها ليعلم الناس بها المبيت والرمي في أيام التشريق وغير ذلك مما بين أيديهم قوله : ( ففتحت ) بفتح الفاء الأولى وكسر الفوقية بعدها أي : اتسع سمع أسماعنا وقوي من قولهم قارورة فتح بضم الفاء والتاء أي : واسعة الرأس قال الكسائي : ليس لها صمام ولا غلاف وهكذا صارت أسماعهم لما سمعوا صوت النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من بركات صوته إذا سمعه المؤمن قوي سمعه واتسع مسلكه حتى صار يسمع الصوت من الأماكن البعيدة ويسمع الأصوات الخفية قوله : ( ونحن في منازلنا ) فيه دليل على أنهم لم يذهبوا لسماع الخطبة بل وقفوا في رحالهم وهم يسمعونها ، ولعل هذا كان فيمن له عذر منعه عن الحضور لاستماعها وهو اللائق بحال الصحابة رضي الله عنهم قوله : ( فطفق يعلمهم ) هذا انتقال من التكلم إلى الغيبة وهو أسلوب من أساليب البلاغة مستحسن .

قوله : ( حتى بلغ الجمار ) يعني : المكان الذي ترمى فيه الجمار والجمار هي الحصى الصغار التي يرمي بها الجمرات . قوله : ( فوضع أصبعيه السبابتين ) زاد في نسخة لأبي داود في أذنيه وإنما فعل ذلك ليكون أجمع لصوته في إسماع خطبته ولهذا كان بلال يضع أصبعيه في صماخ أذنيه في الأذان وعلى هذا ففي الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره فوضع أصبعيه السبابتين في أذنيه حتى بلغ الجمار قوله : ( ثم قال ) يحتمل أن يكون المراد بالقول القول النفسي كما قال تعالى : { ويقولون في أنفسهم } ويكون المراد به [ ص: 92 ] هنا النية للرمي .

قال أبو حبان : وتراكيب القول الست تدل على معنى الخفة والسرعة فلهذا عبر هنا بالقول . قوله : ( بحصى الخذف ) قد قدمنا في كتاب العيدين أنه بالخاء والذال المعجمتين . قال الأزهري : حصى الخذف صغار مثل النوى يرمى بها بين أصبعين . قال الشافعي : حصى الخذف أصغر من الأنملة طولا وعرضا ومنهم من قال بقدر الباقلا . وقال النووي : بقدر النواة وكل هذه المقادير متقاربة ; لأن الخذف بالمعجمتين لا يكون إلا بالصغير .

قوله : ( في مقدم المسجد ) أي : مسجد الخيف الذي بمنى ، ولعل المراد بالمقدم الجهة قوله : ( ثم نزل الناس ) برفع الناس على أنه فاعل ، وفي نسخة من سنن أبي داود ثم نزل الناس بتشديد الزاي ونصب الناس . وقد قدمنا شرح أحاديث أبي بكرة في كتاب العيدين مستكملا

التالي السابق


الخدمات العلمية