صفحة جزء
باب الفوات والإحصار 2065 - ( عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { : من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى قال : فذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة ، فقالا : صدق } رواه الخمسة ، وفي رواية لأبي داود وابن ماجه : من عرج أو كسر أو مرض فذكر معناه وفي رواية ذكرها أحمد في رواية المروزي من حبس بكسر أو مرض )

2066 - ( وعن ابن عمر أنه كان يقول : { أليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ، ثم يحل من كل شيء ، حتى يحج عاما قابلا فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديا } رواه البخاري والنسائي )

2067 - ( وعن عمر بن الخطاب أنه أمر أبا أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبار بن الأسود حين فاتهما الحج فأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة ، ثم يرجعا حلالا ثم يحجا عاما قابلا ويهديا فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ) .

2068 - ( وعن سليمان بن يسار أن ابن حزابة المخزومي صرع ببعض طريق مكة وهو محرم بالحج فسأل على الماء الذي كان عليه ، فوجد عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم فذكر لهم الذي عرض له وكلهم أمره أن يتداوى بما لا بد منه ويفتدي ، فإذا صح اعتمر فحل من إحرامه ثم عليه أن يحج قابلا ويهدي ) [ ص: 109 ]

2069 - ( وعن ابن عمر أنه قال : من حبس دون البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت وهذه الثلاثة لمالك في الموطإ )

2070 - ( وعن ابن عباس قال : لا حصر إلا حصر العدو . رواه الشافعي في مسنده )


حديث الحجاج بن عمرو سكت عنه أبو داود والمنذري وحسنه الترمذي وأخرجه أيضا ابن خزيمة والحاكم والبيهقي وأثر عمر بن الخطاب أخرجه أيضا البيهقي وأخرج عن عمر أنه أمر من فاته الحج أن يهل بعمرة وعليه الحج من قابل وأخرج أيضا عن زيد بن ثابت مثله . وأخرج نحوه عن عمر من طريق أخرى والأثر الذي رواه سليمان بن يسار رواه مالك عن يحيى بن سعيد عنه ولكن سليمان بن يسار لم يدرك القصة وأثر ابن عمر رواه مالك في الموطإ من طريق ابن شهاب عن سالم عنه وأثر ابن عباس صحح الحافظ إسناده قوله : ( من كسر ) بضم الكاف وكسر السين قوله : ( أو عرج ) بفتح المهملة والراء : أي : أصابه شيء في رجله وليس بخلقة ، فإذا كان خلقة قيل : عرج بكسر الراء

قوله : ( فقد حل ) تمسك بظاهر هذا أبو ثور وداود فقالا : إنه يحل في مكانه بنفس الكسر والعرج وأجمع بقية العلماء على أنه يحل من كسر أو عرج ، ولكن اختلفوا فيما به يحل وعلام يحمل هذا الحديث ، فقال أصحاب الشافعي : إنه يحمل على ما إذا شرط التحلل به ، فإذا وجد الشرط صار حلالا ولا يلزم الدم وقال مالك وغيره : يحل بالطواف بالبيت لا يحله غيره ، ومن خالفه من الكوفيين يقول : يحل بالنية والذبح والحلق ، وسيأتي الكلام على ذلك قوله : ( أو مرض ) الإحصار لا يختص بالأعذار المذكورة بل كل عذر حكمه حكمها كإعواز النفقة والضلال في الطريق وبقاء السفينة في البحر وبهذا قال كثير من الصحابة : قال النخعي والكوفيون : الحصر بالكسر والمرض والخوف وقال آخرون منهم مالك والشافعي وأحمد : لا حصر إلا بالعدو ، وتمسكوا بقول ابن عباس المذكور في الباب وحكى ابن جرير قولا أنه لا حصر بعد النبي صلى الله عليه وسلم والسبب في هذا الاختلاف أنهم اختلفوا في تفسير الإحصار ، فالمشهور عن أكثر أهل اللغة منهم الأخفش والكسائي والفراء وأبو عبيد وأبو عبيدة وابن السكيت وثعلب وابن قتيبة وغيرهم أن الإحصار إنما يكون بالمرض وأما بالعدو فهو الحصر وقال بعضهم : إن أحصر وحصر بمعنى واحد

قوله : ( سنة نبيكم ) قال عياض : ضبطناه سنة بالنصب على [ ص: 110 ] الاختصاص وعلى إضمار فعل : أي : تمسكوا وشبهه وخبر حسبكم طاف بالبيت ويصح الرفع على أن سنة خبر حسبكم أو الفاعل وحسبكم بمعنى الفعل ويكون ما بعدهما تفسيرا للسنة وقال السهيلي : من نصب سنة فهو بإضمار الأمر كأنه قال : الزموا سنة نبيكم قوله : ( طاف بالبيت ) أي : إذا أمكنه ذلك ، ووقع في رواية عبد الرزاق : إن حبس أحدا منكم حابس عن البيت فإذا وصل طاف قوله : ( حتى يحج عاما قابلا ) استدل به على وجوب الحج من القابل على من أحصر وسيأتي الخلاف فيه

قوله : ( فيهدي ) فيه دليل على وجوب الهدي على المحصر ولكن الإحصار الذي وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما وقع في العمرة فقاس العلماء الحج على ذلك وهو من الإلحاق بنفي الفارق ، وإلى وجوب الهدي ذهب الجمهور ، وهو ظاهر الأحاديث الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك في الحديبية ويدل عليه قوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } وذكر الشافعي أنه لا خلاف في ذلك في تفسير الآية ، وخالف في ذلك مالك فقال : إنه لا يجب الهدي على المحصر ، وعول على قياس الإحصار على الخروج من الصوم للعذر ، والتمسك بمثل هذا القياس في مقابل ما يخالفه من القرآن والسنة من الغرائب التي يتعجب من وقوع مثلها من أكابر العلماء قوله : ( ابن حزابة ) بضم الحاء المهملة وبعدها زاي ثم بعد الألف موحدة قوله : ( فسأل على الماء ) هكذا في بعض نسخ هذا الكتاب وفي بعضها : عن الماء ، وفي نسخة صحيحة من الموطإ : على الماء ، ونسخة بعن . قوله : ( فوجد ) هذه اللفظة ثابتة في نسخة من هذا الكتاب وهي ثابتة في الموطإ وقد استدل بالآثار المذكورة في الباب على وجوب الهدي ، وأن الإحصار لا يكون إلا بالخوف من العدو ، وقد تقدم البحث عن ذلك ، وعلى وجوب القضاء وسيأتي . .

التالي السابق


الخدمات العلمية