صفحة جزء
باب ركوب الهدي 2083 - ( عن أنس قال { رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يسوق البدنة فقال : اركبها فقال : إنها بدنة ، قال : اركبها قال : إنها بدنة ، قال : اركبها ثلاثا } متفق عليه ولهم من حديث أبي هريرة نحوه )

2084 - ( وعن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة قد أجهده المشي ، فقال : اركبها ، قال : إنها بدنة ، قال : اركبها وإن كانت بدنة } رواه أحمد والنسائي ) .

2085 - ( وعن جابر أنه { سئل عن ركوب الهدي فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها ، حتى تجد ظهرا . } رواه أحمد ومسلم وأبو داود [ ص: 122 ] والنسائي ) .

2086 - ( وعن علي عليه السلام { أنه سئل : يركب الرجل هديه فقال : لا بأس به قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم بركوب هديه ، قال : لا تتبعون شيئا أفضل من سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم . } رواه أحمد )


حديث أنس الثاني أخرجه أيضا الجوزقي من طريق حميد عن ثابت عن أنس وأبو يعلى من طريق الحسن عن أنس وزاد " حافيا " وهو عند النسائي من طريق شعبة عن قتادة عن أنس وضعف هذه الطرق الحافظ في الفتح . وحديث علي عليه السلام قال في الفتح أيضا : إسناده صالح وقال في مجمع الزوائد : في إسناده محمد بن عبيد الله بن أبي رافع وثقه ابن حبان وضعفه جماعة . وحديث أبي هريرة الذي أشار إليه المصنف لفظه لفظ حديث أنس ولكنه زاد في آخره { اركبها ويلك }

قوله : ( رأى رجلا ) قال الحافظ : لم أقف على اسمه بعد طول البحث قوله : ( يسوق بدنة ) في رواية لمسلم : مقلدة ، وكذا في رواية للبخاري وله أيضا من طريق أبي هريرة { فلقد رأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه وسلم والنعل في عنقها } قوله : ( إنها بدنة ) أراد أنها بدنة مهداة إلى البيت الحرام ولو كان مراده الإخبار عن كونها بدنة لم يكن الجواب مفيدا لأن كونها من الإبل معلوم فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي على النبي صلى الله عليه وسلم كونها هديا فقال : إنها بدنة قال في الفتح : والحق أنه لم يخف ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم لكونها كانت مقلدة ولهذا قال ما زاد في مراجعته : ويلك وأحاديث الباب تدل على جواز ركوب الهدي من غير فرق بين ما كان منه واجبا أو تطوعا لتركه صلى الله عليه وسلم للاستفصال وبه قال عروة بن الزبير ، ونسبه ابن المنذر إلى أحمد وإسحاق ، وبه قال أهل الظاهر ، وجزم به النووي وجماعة من أصحاب الشافعي كالقفال والماوردي وحكى ابن عبد البر عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأكثر الفقهاء كراهة ركوبه لغير حاجة ، وحكاه الترمذي أيضا عن أحمد وإسحاق والشافعي ، وقيد الجواز بعض الحنفية بالاضطرار ، ونقله ابن أبي شيبة عن الشعبي .

وحكى ابن المنذر عن الشافعي أنه يركب إذا اضطر ركوبا غير فادح وحكى ابن العربي عن مالك أنه يركب للضرورة فإذا استراح نزل يعني : إذا انتهت ضرورته .

والدليل على اعتبار الضرورة ما في حديث جابر المذكور في الباب من قوله صلى الله عليه وسلم : اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها ونقل ابن العربي عن أبي حنيفة أنه لا يجوز ركوب الهدي مطلقا وكذا نقله المهدي في البحر عنه ولكن نقل [ ص: 123 ] عنه الطحاوي الجواز مع الحاجة ويضمن ما نقص منها بالركوب والطحاوي أقعد بمعرفة مذهب إمامه وقد وافق أبا حنيفة الشافعي على ضمان النقص في الهدي الواجب . ونقل ابن عبد البر عن بعض أهل الظاهر وجوب الركوب تمسكا بظاهر الأمر ولمخالفة ما كانوا عليه في الجاهلية من البحيرة والسائبة ورده بأن الذين ساقوا الهدي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا كثيرا ولم يأمر أحدا منهم بذلك انتهى . وتعقبه الحافظ بحديث علي عليه السلام المذكور في الباب قال : وله شاهد مرسل عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح رواه أبو داود في المراسيل عن عطاء قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالهدية إذا احتاج إليها سيدها أن يحمل عليها أو يركبها غير منهكها } واختلف من أجاز الركوب هل يجوز أن يجعل عليها متاعه ؟ فمنعه مالك وأجازه الجمهور وهل يحمل عليها غيره ؟ أجازه الجمهور أيضا على التفصيل المتقدم ونقل عياض الإجماع على أنه لا يؤجرها واختلفوا أيضا في اللبن إذا احتلب منه شيئا فعند العترة والشافعية والحنفية يتصدق به فإن أكله تصدق بثمنه وقال مالك : لا يشرب من لبنه فإن شرب لم يغرم .

التالي السابق


الخدمات العلمية