صفحة جزء
باب الصدقة بالجلود والجلال والنهي عن بيعها 2137 - ( عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال { : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها وأن لا أعطي الجازر منها شيئا ، وقال : نحن نعطيه من عندنا } . متفق عليه ) .

2138 - ( وعن أبي سعيد أن قتادة بن النعمان أخبره { أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فقال إني كنت أمرتكم أن لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام ليسعكم وإني أحله [ ص: 153 ] لكم فكلوا ما شئتم ولا تبيعوا لحوم الهدي والأضاحي وكلوا وتصدقوا واستمتعوا بجلودها . ولا تبيعوها وإن أطعمتم من لحومها شيئا فكلوا أنى شئتم } رواه أحمد )


حديث قتادة ذكره صاحب الفتح ولم يتعقبه مع جري عادته بتعقب ما فيه ضعف . وقال في مجمع الزوائد : إنه مرسل صحيح الإسناد انتهى . قوله : ( أن أقوم على بدنه ) أي : عند نحرها للاحتفاظ بها ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك أي : على مصالحها في علفها ورعيها وسقيها وغير ذلك . ولم يقع في هذه الرواية عدد البدن ووقع في رواية أخرى للبخاري وغيره أنها مائة بدنة وقد تقدم ما روي من { أنه صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثين بدنة } كما في رواية أبي داود أو ثلاثا وستين كما في رواية مسلم وهي الأصح .

قوله : ( وأجلتها ) جمع جلال بضم الجيم وتخفيف اللام وهو ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه ، ويجمع أيضا على جلال بكسر الجيم . قوله : ( وأن لا أعطي الجازر منها شيئا ) فيه دليل على أنه لا يعطي الجازر شيئا ألبتة وليس ذلك المراد بل المراد أنه لا يعطي لأجل الجزارة لا لغير ذلك ، وقد بين النسائي ذلك في روايته من طريق شعيب بن إسحاق عن ابن جريج قال ابن خزيمة : والمراد أنه يقسمها على المساكين إلا ما أمره به من أن يأخذه من كل بدنة بضعة كما في حديث جابر الطويل عند مسلم .

والحديث كله يدل على أنه لا يجوز إعطاء الجازر من لحم الهدي الذي نحره على وجه الأجرة قال القرطبي : ولم يرخص في إعطاء الجازر منها لأجل أجرته إلا الحسن البصري وعبد الله بن عبيد بن عمير انتهى . وقد روي عن ابن خزيمة والبغوي أنه يجوز إعطاؤه منها إذا كان فقيرا بعد توفير أجرته من غيرها : وقال غيرهما إن القياس ذلك لولا إطلاق الشارع المنع وظاهره عدم جواز الصدقة والهدية كما لا تجوز الأجرة وذلك ; لأنها قد تقع مسامحة من الجازر في الأجرة لأجل ما يعطاه من اللحم على وجه الصدقة أو الهدية . وقد استدل به على منع بيع الجلد والجلال ، قال القرطبي : فيه دليل على أن جلود الهدي وجلالها لا تباع لعطفهما على اللحم وإعطائهما حكمه

وقد اتفقوا على أن لحمها لا يباع فكذا الجلود والجلال . وأجازه الأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وهو وجه عند الشافعية قالوا : ويصرف ثمنه مصرف الأضحية . قوله : ما شئتم فيه إطلاق المقدار الذي يأكله المضحي من أضحيته وتفويضه إلى مشيئته . قوله : ( ولا تبيعوا لحوم الأضاحي ) فيه دليل على منع بيع لحوم الأضاحي وظاهره التحريم . وقد بين الشارع وجوه الانتفاع في الأضحية من الأكل والتصدق والادخار والائتجار .

قوله : ( واستمتعوا بجلودها ولا تبيعوها ) فيه رد على الأوزاعي ومن معه وفيه أيضا الإذن بالانتفاع بها بغير البيع . وقد روي عن محمد بن الحسن أن له أن يشتري بمسكها غربالا [ ص: 154 ] أو غيرها من آلة البيت لا شيئا من المأكول . وقال الثوري : لا يبيعه ولكن يجعله سقاء وشنا في البيت وهو ظاهر الحديث . قوله : ( وإن أطعمتم ) . . . إلخ ، فيه دليل على أنه يجوز لمن أطعمه غيره من لحم الأضحية أن يأكل كيف شاء وإن كان غنيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية