صفحة جزء
2144 - ( وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال { : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة ، فقال : لا أحب العقوق وكأنه كره الاسم ، فقالوا : يا رسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له ، قال : من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافأتان وعن الجارية شاة } . رواه أحمد وأبو داود والنسائي ) .

2145 - ( وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود يوم سابعه ووضع الأذى عنه والعق } . رواه الترمذي وقال : حديث حسن غريب ) .

2146 - ( وعن بريدة الأسلمي قال : كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها ، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران . رواه أبو داود ) .

2147 - ( وعن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا } . رواه أبو داود والنسائي وقال : بكبشين كبشين )


[ ص: 160 ] حديث عمرو بن شعيب الأول سكت عنه أبو داود . وقال المنذري : في إسناده عمرو بن شعيب وفيه مقال ، يعني : في روايته عن أبيه عن جده ، وقد سلف بيان ذلك . وحديثه الثاني أخرجه الحاكم . وحديث بريدة أخرجه أيضا أحمد والنسائي . قال في التلخيص : وإسناده صحيح انتهى ، وفيه نظر ; لأن في إسناده علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال . وقد أخرج نحو حديث بريدة هذا ابن حبان وصححه ، وابن السكن وصححه من حديث عائشة ، والطبراني في الصغير من حديث أنس والبيهقي من حديث فاطمة ، والترمذي والحاكم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده والبيهقي من حديث علي وحديث ابن عباس صححه عبد الحق وابن دقيق العيد . وأخرج نحوه ابن حبان والحاكم والبيهقي من حديث عائشة بزيادة يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رءوسهما الأذى .

قوله : ( وكأنه كره الاسم ) وذلك ; لأن العقيقة التي هي الذبيحة والعقوق للأمهات مشتقان من العق الذي هو الشق والقطع ، فقوله صلى الله عليه وسلم لا أحب العقوق بعد سؤاله عن العقيقة للإشارة إلى كراهة اسم العقيقة لما كانت هي والعقوق يرجعان إلى أصل واحد ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم من أحب منكم أن ينسك إرشادا منه إلى مشروعية تحويل العقيقة إلى النسيكة وما وقع منه صلى الله عليه وسلم من قوله : مع الغلام عقيقته ، وكل غلام مرتهن بعقيقته ، ورهينة بعقيقته فمن البيان للمخاطبين بما يعرفونه ; لأن ذلك اللفظ هو المتعارف عند العرب ، ويمكن الجمع بأنه صلى الله عليه وسلم تكلم بذلك لبيان الجواز ، وهو لا ينافي الكراهة التي أشعر بها قوله ( لا أحب العقوق ) .

قوله : ( من أحب منكم ) قد قدمنا أن التفويض إلى المحبة يقتضي رفع الوجوب وصرف ما أشعر به إلى الندب . قوله : ( مكافأتان ) قد تقدم ضبطه وتفسيره . قوله : ( أمر بتسمية المولود ) . . . إلخ فيه مشروعية التسمية في اليوم السابع والرد على من حمل التسمية في حديث سمرة السابق على التسمية عند الذبح .

وفيه أيضا مشروعية وضع الأذى وذبح العقيقة في ذلك اليوم . قوله : ( فلما جاء الله بالإسلام ) . . . إلخ ، فيه دليل على أن تلطيخ رأس المولود بالدم من عمل الجاهلية وأنه منسوخ كما تقدم ، منه في الدلالة على النسخ حديث عائشة عند ابن حبان وابن السكن وصححاه كما تقدم بلفظ : { فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعلوا مكان الدم خلوقا } .

قوله : ( ونلطخه بزعفران ) فيه دليل على استحباب تلطيخ رأس الصبي بالزعفران أو غيره من الخلوق كما في حديث عائشة المذكور . قوله : ( عق عن الحسن والحسين ) فيه دليل على أنه تصح العقيقة من غير الأب مع وجوده وعدم امتناعه ، وهو يرد ما ذهبت إليه الحنابلة من أنه يتعين الأب إلا أن يموت أو يمتنع .

وروي عن الشافعي أن العقيقة تلزم من تلزمه النفقة ، ويجوز أن يعق الإنسان عن نفسه إن صح ما أخرجه [ ص: 161 ] البيهقي عن أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد البعثة } ولكنه قال : إنه منكر ، وفيه عبد الله بن محرر بمهملات وهو ضعيف جدا كما قال الحافظ : وقال عبد الرزاق : إنما تكلموا فيه لأجل هذا الحديث . قال البيهقي : وروي من وجه آخر عن قتادة عن أنس وليس بشيء . وأخرجه أبو الشيخ من وجه آخر عن أنس ، وأخرجه أيضا ابن أيمن في مصنفه ، والخلال من طريق عبد الله بن المثنى عن ثمامة بن عبد الله عن أنس عن أبيه به . وقال النووي في شرح المهذب : هذا حديث باطل وأخرجه أيضا الطبري والضياء من طريق فيها ضعف .

وقد احتج بحديث أنس هذا من قال : إنها تجوز العقيقة عن الكبير . وقد حكاه ابن رشد عن بعض أهل العلم

التالي السابق


الخدمات العلمية