صفحة جزء
باب النهي عن بيع ما لا يملكه ليمضي فيشتريه ويسلمه 2184 - ( عن حكيم بن حزام قال : { قلت يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني عن البيع ليس عندي ما أبيعه منه ، ثم أبتاعه من السوق فقال لا تبع ما ليس عندك . } رواه الخمسة ) .


الحديث أخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه ، وقال الترمذي : حسن صحيح ، وقد روي من غير وجه عن حكيم انتهى ، وفي بعض طرقه عبد الله بن عصمة ، زعم عبد الحق أنه ضعيف جدا ، ولم يتعقبه ابن القطان ، بل نقل عن ابن حزم أنه مجهول . قال الحافظ : وهو جرح مردود ، فقد روى عنه ذلك ثلاثة ، كما في التلخيص ، وقد احتج به النسائي .

وفي الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند أبي داود والترمذي - وصححه - والنسائي وابن ماجه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يحل سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع ، ولا ربح ما لم يضمن ، ولا بيع ما ليس عندك }

قوله : ( ما ليس عندك ) أي : ما ليس في ملكك وقدرتك ، والظاهر أنه يصدق على العبد المغصوب الذي لا يقدر على انتزاعه ممن هو في يده ، وعلى الآبق الذي لا يعرف مكانه ، والطير المنفلت الذي لا يعتاد رجوعه .

ويدل على ذلك معنى " عند " لغة . قال الرضي : إنها تستعمل في الحاضر القريب وما هو في حوزتك وإن كان بعيدا انتهى ، فيخرج عن هذا ما كان غائبا خارجا عن الملك أو داخلا فيه خارجا عن الحوزة ، وظاهره أنه يقال ما كان حاضرا وإن كان خارجا عن الملك . فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم لا تبع ما ليس عندك أي : ما ليس حاضرا عندك ولا غائبا في ملكك وتحت حوزتك . قال البغوي : النهي في هذا الحديث عن بيوع الأعيان التي لا يملكها . أما بيع موصوف في ذمته فيجوز فيه السلم بشروطه ، فلو باع شيئا موصوفا في ذمته عام الوجود عند المحل المشروط في البيع جاز ، وإن لم يكن المبيع موجودا في ملكه حالة العقد .

قال : وفي معنى بيع ما ليس عنده في الفساد بيع الطير المنفلت الذي لا يعتاد رجوعه إلى محله ، فإن اعتاد الطائر أن يعود ليلا لم يصح عند الأكثر إلا النحل فإن الأصح فيه الصحة كما قاله النووي في زيادات الروضة ، وظاهر النهي تحريم [ ص: 185 ] ما لم يكن في ملك الإنسان ولا داخلا تحت مقدرته ، وقد استثني من ذلك السلم فتكون أدلة جوازه مخصصة لهذا العموم ، وكذلك إذا كان المبيع في ذمة المشتري إذ هو كالحاضر المقبوض .

التالي السابق


الخدمات العلمية