صفحة جزء
باب الثمرة المشتراة يلحقها جائحة 2222 - ( عن جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع الجوائح } . رواه أحمد والنسائي وأبو داود وفي لفظ لمسلم : { أمر بوضع الجوائح } وفي لفظ قال : { إن بعت من أخيك تمرا ، فأصابتها جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ، بم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ . } رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه ) .


وفي الباب عن عائشة عند البيهقي بنحوه وفي إسناده حارثة بن أبي الرجال وهو ضعيف ولكنه في الصحيحين عنها مختصرا ، وعن أنس وقد تقدم في باب بيع الثمرة قبل بدو صلاحها قوله : ( الجوائح ) جمع جائحة وهي الآفة التي تصيب الثمار فتهلكها يقال : جاحهم الدهر واجتاحهم بتقديم الجيم على الحاء فيهما إذا أصابهم بمكروه عظيم ، ولا خلاف أن البرد والقحط والعطش جائحة وكذلك كل ما كان آفة سماوية وأما ما كان من الآدميين [ ص: 211 ] كالسرقة ففيه خلاف ، منهم من لم يره جائحة لقوله في الحديث السابق عن أنس إذا منع الله الثمرة ومنهم من قال : إنه جائحة تشبيها بالآفة السماوية وقد اختلف أهل العلم في وضع الجوائح إذا بيعت الثمرة بعد بدو صلاحها وسلم ها البائع للمشتري بالتخلية ثم تلفت بالجائحة قبل أوان الجذاذ ، فقال الشافعي وأبو حنيفة وغيره من الكوفيين والليث : لا يرجع المشتري على البائع بشيء قالوا : وإنما ورد وضع الجوائح فيما إذا بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع ، فيحمل مطلق الحديث في رواية جابر على ما قيد به في حديث أنس المتقدم .

واستدل الطحاوي على ذلك بحديث أبي سعيد { أصيب رجل في ثمار ابتاعها ، فكثر دينه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تصدقوا عليه ، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال : خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك } أخرجه مسلم وأصحاب السنن قال : فلما لم يبطل دين الغرماء بذهاب الثمار بالعاهات ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الثمن ممن باعها منه دل على أن وضع الجوائح ليس على عمومه ، وقال الشافعي في القديم : هي من ضمان البائع فيرجع المشتري عليه بما دفعه من الثمن وبه قال أحمد وأبو عبيد القاسم بن سلام وغيرهم . قال القرطبي : وفي الأحاديث دليل واضح على وجوب إسقاط ما اجتيح من الثمرة عن المشتري ولا يلتفت إلى قول من قال : إن ذلك لم يثبت مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ; لأنه من قول أنس ، بل الصحيح رفع ذلك من حديث جابر وأنس ، وقال مالك : إن أذهبت الجائحة دون الثلث لم يجب الوضع ، وإن كان الثلث فأكثر وجب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { الثلث والثلث كثير } قال أبو داود : لم يصح في الثلث شيء عن النبي وهو رأي أهل المدينة ، والراجح الوضع مطلقا من غير فرق بين القليل والكثير ، وبين البيع قبل بدو الصلاح وبعده

وما احتج به الأولون من حديث أنس المتقدم يجاب عنه بأن التنصيص على الوضع مع البيع قبل الصلاح لا ينافي الوضع مع البيع بعده ولا يصلح مثله لتخصيص ما دل على وضع الجوائح ولا لتقييده وأما ما احتج به الطحاوي فغير صالح للاستدلال به على محل النزاع ; لأنه لا تصريح فيه بأن ذهاب ثمرة ذلك الرجل كان بعاهات سماوية ، وأيضا عدم نقل تضمين بائع الثمرة لا يصلح للاستدلال به ; لأنه قد نقل ما يشعر بالتضمين على العموم فلا ينافيه عدم النقل في قضية خاصة وسيأتي حديث أبي سعيد في كتاب التفليس ويأتي في شرحه بقية الكلام على الوضع

التالي السابق


الخدمات العلمية