صفحة جزء
كتاب الحوالة والضمان باب وجوب قبول الحوالة على المليء [ ص: 281 ] عن أبي هريرة قال : { مطل الغني ظلم ، وإذا أتبع أحدهم على مليء فليتبع } رواه الجماعة وفي لفظ لأحمد : ومن أحيل على مليء فليحتل )

2304 - ( وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { مطل الغني ظلم ، وإذا أحلت على مليء فاتبعه } رواه ابن ماجه )


حديث ابن عمر إسناده في سنن ابن ماجه هكذا : حدثنا إسماعيل بن ثوبة ، حدثنا هشيم عن يونس بن عبيد عن نافع عن ابن عمر فذكره وإسماعيل بن ثوبة قال ابن أبي حاتم : صدوق ، وبقية رجاله رجال الصحيح ، وقد أخرجه أيضا الترمذي وأحمد قوله : ( الحوالة ) ، هي بفتح الحاء المهملة وقد تكسر ، قال في الفتح : مشتقة من التحويل أو من الحول ، يقال حال عن العهد : إذا انتقل عنه حولا ، وهي عند الفقهاء نقل دين من ذمة إلى ذمة

واختلفوا هل هي في بيع دين بدين رخص فيه فاستثنى من النهي عن بيع الدين بالدين أو هي استيفاء ؟ وقيل هي عقد إرفاق مستقبل ويشترط في صحتها رضا المحيل بلا خلاف والمحتال عند الأكثر والمحال عليه عند بعض ، ويشترط أيضا تماثل النقدين في الصفات ، وأن يكون في شيء معلوم ومنهم من خصها بالنقدين ومنعها في الطعام ; لأنها بيع طعام قبل أن يستوفى ا هـ . قوله : ( مطل الغني ) من إضافة المصدر إلى الفاعل عند الجمهور ، والمعنى أنه يحرم على الغني القادر أن يمطل صاحب الدين بخلاف العاجز ، وقيل : هو من إضافة المصدر إلى المفعول : أي يجب على المستدين أن يوفي صاحب الدين ولو كان المستحق للدين غنيا فإن مطله ظلم فكيف إذا كان فقيرا فإنه يكون ظلما بالأولى ، ولا يخفى بعد هذا كما قال الحافظ ، والمطل في الأصل : المد ، وقال الأزهري : المدافعة قال في الفتح : والمراد هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر

قوله : ( وإذا أتبع ) [ ص: 282 ] بإسكان التاء المثناة الفوقية على البناء للمجهول قال النووي : هذا هو المشهور في الرواية واللغة

وقال القرطبي : أما أتبع ، فبضم الهمزة وسكون التاء ، مبنيا لما لم يسم فاعله عند الجميع وأما فليتبع فالأثر على التخفيف ، وقيده بعضهم بالتشديد والأول أجود وتعقب الحافظ ما ادعاه من الاتفاق بقول الخطابي : إن أكثر المحدثين يقولونه ، يعني : اتبع بتشديد التاء والصواب التخفيف والمعنى : إذا أحيل فليحتل كما وقع في الرواية الأخرى

قوله : ( على مليء ) قيل : هو بالهمز ، وقيل : بغير همز ، ويدل على ذلك قول الكرماني : الملي ، كالغني لفظا ومعنى وقال الخطابي : إنه في الأصل بالهمز ، ومن رواه بتركها فقد سهله قوله : ( فاتبعه ) قال في الفتح : هذا بتشديد التاء بلا خلاف والحديثان يدلان على أنه يجب على من أحيل بحقه على مليء أن يحتال ، وإلى ذلك ذهب أهل الظاهر وأكثر الحنابلة وأبو ثور وابن جرير ، وحمله الجمهور على الاستحباب قال الحافظ : ووهم من نقل فيه الإجماع

وقد اختلف هل المطل مع الغنى كبيرة أم لا ؟ وقد ذهب الجمهور إلى أنه موجب للفسق واختلفوا هل يفسق بمرة أو يشترط التكرار ؟ وهل يعتبر الطلب من المستحق أم لا ؟ قال في الفتح : وهل يتصف بالمطل من ليس القدر الذي عليه حاضرا عنده لكنه قادر على تحصيله بالتكسب مثلا ؟ أطلق أكثر الشافعية عدم الوجوب ، وصرح بعضهم بالوجوب مطلقا ، وفصل آخرون بأن يكون أصل الدين وجب بسبب يعصي به فيجب وإلا فلا ا هـ والظاهر الأول ; لأن القادر على التكسب ليس بمليء والوجوب إنما هو عليه فقط ; لأن تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعلية

التالي السابق


الخدمات العلمية