صفحة جزء
2337 - ( وعن أبي المنهال { أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب كانا شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسيئة ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه ، وما كان بنسيئة فردوه } رواه أحمد والبخاري بمعناه )


لفظ البخاري { ما كان يدا بيد فخذوه ، وما كان نسيئة فردوه } والحديث استدل به على جواز تفريق الصفقة فيصح الصحيح منها ويبطل ما لا يصح وتعقب باحتمال أن يكونا عقدا عقدين مختلفين ، ويؤيده ما في البخاري في باب الهجرة إلى المدينة عن أبي المنهال المذكور فذكر هذا الحديث ، وفيه { قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ونحن نتبايع هذا البيع فقال : ما كان يدا بيد فليس به بأس ، وما كان نسيئة فلا يصلح } فمعنى قوله : " ما كان يدا بيد فخذوه " أي : ما وقع لكم فيه التقابض في المجلس فهو صحيح فأمضوه ، وما لم يقع لكم فيه التقابض فليس بصحيح فاتركوه ، ولا يلزم من ذلك أن يكونا جميعا في عقد واحد واستدل بهذا الحديث أيضا على جواز الشركة في الدراهم والدنانير ، وهو إجماع كما قال ابن بطال ، لكن لا بد أن يكون نقد كل واحد منهما مثل نقد صاحبه ثم يخلطا ذلك حتى لا يتميز ثم يتصرفا جميعا ، إلا أن يقيم كل واحد منهما الآخر مقام نفسه وقد حكى أيضا ابن بطال أن هذا الشرط مجمع عليه

واختلفوا : إذا كانت الدنانير من أحدهما والدراهم من الآخر فمنعه الشافعي ومالك في المشهور عنه والكوفيون إلا الثوري ، واختلفوا أيضا هل تصح الشركة في غير النقدين ؟ فذهب الجمهور إلى الصحة [ ص: 317 ] في كل ما يتملك ، وقيل : يختص بالنقد المضروب ، والأصح عند الشافعية اختصاصها بالمثل وحديث اشتراك الصحابة في أزوادهم في غزوة الساحل كما في حديث جابر عند البخاري وغيره يرد على من قال باختصاص الشركة بالنقد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قررهم على ذلك وكذلك حديث سلمة بن الأكوع عند البخاري وغيره { أنهم جمعوا أزوادهم ودعا النبي صلى الله عليه وسلم لهم فيها بالبركة } ويرد على الشافعية حديث أبي عبيدة الآتي ، وحديث رويفع والحاصل أن الأصل الجواز في جميع أنواع الأموال ، فمن ادعى الاختصاص بنوع واحد أو بأنواع مخصوصة ونفى جواز ما عداها فعليه الدليل ، وهكذا الأصل جواز جميع أنواع الشرك المفصلة في كتب الفقه فلا تقبل دعوى الاختصاص بالبعض إلا بدليل

التالي السابق


الخدمات العلمية