صفحة جزء
باب الاستئجار على العمل مياومة أو مشاهرة أو معاومة أو معاددة 2382 - ( عن علي رضي الله عنه قال : { جعت مرة جوعا شديدا ، فخرجت لطلب العمل في عوالي المدينة ، فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدرا فظننتها تريد بله ، فقاطعتها كل ذنوب على تمرة ، فمددت ستة عشر ذنوبا حتى مجلت يداي ، ثم أتيتها فعدت لي ست عشرة تمرة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأكل معي منها } رواه أحمد )

2383 - ( وعن أنس { : لما قدم المهاجرون من مكة إلى المدينة قدموا وليس بأيديهم شيء ، فكانت الأنصار أهل الأرض والعقار ، فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم نصف [ ص: 351 ] ثمار أموالهم كل عام ويكفوهم العمل والمئونة أخرجاه قال البخاري : وقال ابن عمر : أعطى النبي صلى الله عليه وسلم خيبر بالشطر ، فكان ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدر من خلافة عمر ، ولم يذكر أن أبا بكر وعمر جددا الإجارة بعدما قبض النبي صلى الله عليه وسلم } )


حديث علي عليه السلام جود الحافظ إسناده ، وأخرجه ابن ماجه بسند صححه ابن السكن ، وأخرج البيهقي وابن ماجه من حديث ابن عباس بلفظ " إن عليا عليه السلام آجر نفسه من يهودي يسقي له كل دلو بتمرة ، وعندهم أن عدد التمر سبعة عشر " وفي إسناده حنش راويه عن عكرمة وهو ضعيف قوله : ( ذنوبا ) هو الدلو مطلقا أو التي فيها ماء أو الممتلئة أو التي هي غير ممتلئة ، أفاد معنى ذلك في القاموس وقد قدمنا تحقيقه في أول هذا الشرح قوله

( مجلت ) بكسر الجيم : أي غلظت وتنفطت ، وبفتح الجيم : غلظت فقط قال في القاموس : مجلت يده كنصر وفرح مجلا ومجولا نفطت من العمل فمرنت كأمجلت وقد أمجلها العمل ، أو المجل أن يكون بين الجلد واللحم ماء ، أو المجلة : جلدة رقيقة يجتمع فيها ماء من أثر العمل وحديث علي عليه السلام فيه بيان ما كانت الصحابة عليه من الحاجة وشدة الفاقة والصبر على الجوع ، وبذل الأنفس وإتعابها في تحصيل القوام من العيش للتعفف عن السؤال وتحمل المنن ، وأن تأجير النفس لا يعد دناءة وإن كان المستأجر غير شريف أو كافرا والأجير من أشراف الناس وعظمائهم وأورده المصنف للاستدلال به على جواز الإجارة معاددة ، يعني : أن يفعل الأجير عددا معلوما من العمل بعدد معلوم من الأجرة وإن لم يبين في الابتداء مقدار جميع العمل والأجرة ، وحديث أنس فيه دليل على جواز إجارة الأرض بنصف الثمرة الخارجة منها في كل عام ، وكذلك حديث ابن عمر وقد تقدم بسط الكلام على إجارة الأرض وما يصح منها وما لا يصح في المزارعة

التالي السابق


الخدمات العلمية