صفحة جزء
باب الأجير على عمل متى يستحق الأجرة وحكم سراية عمله 2385 - ( عن أبي هريرة قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ، ومن كنت خصمه خصمته : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حرا وأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه أجره } رواه أحمد والبخاري )

2386 - ( وعن أبي هريرة في حديث له { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يغفر لأمته في آخر ليلة من رمضان ، قيل : يا رسول الله أهي ليلة القدر ؟ قال : لا ، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله } رواه أحمد ) .

2387 - ( وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن } رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ) حديث أبي هريرة الثاني أخرجه أيضا البزار ، وفي إسناده هشام بن زياد أبو المقدام وهو ضعيف وحديث عمرو بن شعيب قال أبو داود بعد إخراجه : هذا لم يروه إلا الوليد بن مسلم لا يدرى هو صحيح أم لا ؟ وأخرجه النسائي مسندا ومنقطعا

وفي الباب عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال : حدثني بعض الوفد الذين قدموا على أبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أيما طبيب تطبب على قوم لا يعرف له تطبب قبل ذلك فأعنت فهو ضامن } أخرجه أبو داود ، وفي إسناده مجهول لا يعلم هل له صحبة أم لا ؟


قوله : ( ثلاثة أنا خصمهم ) قال ابن التين : هو سبحانه وتعالى خصم لجميع الظالمين ، إلا أنه أراد التشديد على هؤلاء بالتصريح ، والخصم يطلق على الواحد والاثنين وعلى أكثر من ذلك وقال الهروي : الواحد بكسر أوله قال الفراء : الأول قول الفصحاء ، ويجوز في الاثنين خصمان ، وفي الثلاثة خصوم ، وقوله : ( ومن كنت خصمه خصمته ) هذه الزيادة ليست في صحيح البخاري ولكنه أخرجها أحمد وابن حبان وابن خزيمة والإسماعيلي قوله : ( أعطى بي ثم غدر ) المفعول محذوف والتقدير أعطى يمينه بي : أي عاهد وحلف [ ص: 353 ] بالله ثم لم يف

قوله : ( باع حرا وأكل ثمنه ) خص الأكل لأنه أعظم مقصود وفي رواية لأبي داود { ورجل اعتبد محرره } وهو أعم من الأول في الفعل وأخص منه في المفعول قال الخطابي : اعتباد الحر يقع بأمرين : أن يعتقه ثم يكتم ذلك أو يجحده ، والثاني أن يستخدمه كرها بعد العتق ، والأول أشدهما قال في الفتح : والأول أشد ; لأن فيه مع كتم الفعل أو جحده العمل بمقتضى ذلك من البيع وأكل الثمن فمن ثم كان الوعيد عليه أشد قال المهلب : وإنما كان إثمه شديدا ; لأن المسلمين أكفاء بالحرية ، فمن باع حرا فقد منعه التصرف فيما أباح الله له وألزمه الذي أنقذه الله منه وقال ابن الجوزي : الحر عبد الله فمن جنى عليه فخصمه سيده

قال ابن المنذر : لم يختلفوا في أن من باع حرا أنه لا قطع عليه ، يعني : إذا لم يسرقه من حرز مثله ، إلا ما يروى عن علي عليه السلام أنه تقطع يد من باع حرا قال : وكان في جواز بيع الحر خلاف قديم ثم ارتفع فروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : من أقر على نفسه بأنه عبد فهو عبد ، وروى ابن أبي شيبة من طريق قتادة : " أن رجلا باع نفسه فقضى عمر بأنه عبد وجعل ثمنه في سبيل الله " من طريق زرارة بن أوفى أحد التابعين أنه باع حرا في دين

ونقل ابن حزم أن الحر كان يباع في الدين حتى نزلت { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } ونقل عن الشافعي مثل ذلك ، ولا يثبته أكثر أصحابه ، وقد استقر الإجماع على المنع قوله : ( ولم يوفه أجره ) هو في معنى من باع حرا وأكل ثمنه ; لأنه استوفى منفعته بغير عوض فكأنه أكلها ، ولأنه استخدمه بغير أجرة فكأنه استعبده قوله : ( إنما يوفى أجره إذا قضى عمله ) فيه دليل على أن الأجرة تستحق بالعمل ، وأما الملك فعند العترة وأبي حنيفة وأصحابه أنها تملك بالعقد فتتبعها أحكام الملك وعند الشافعي وأصحابه أنها تستحق بالعقد وهذا في الصحيحة وأما الفاسدة فقال في البحر : لا تجب بالعقد إجماعا ، وتجب بالاستيفاء إجماعا قوله : ( فهو ضامن ) فيه دليل على أن متعاطي الطب يضمن لما حصل من الجناية بسبب علاجه وأما من علم منه أنه طبيب فلا ضمان عليه وهو من يعرف العلة ودواءها وله مشايخ في هذه الصناعة شهدوا له بالحذق فيها وأجازوا له المباشرة

التالي السابق


الخدمات العلمية